أنه ليس صفة زائدة على الوجود لوجوه أحدها أن المعقول منه استمرار الوجود ولا معنى لذلك سوى الوجود من حيث انتسابه إلى الزمان الثاني بعد الزمان الأول وثانيها أن الواجب لو كان باقيا بالبقاء الذي ليس نفس ذاته لما كان واجب الوجود لذاته لأن ما هو موجود لذاته فهو باق لذاته ضرورة أن ما بالذات لا يزول أبدا وإذا فسر البقاء بصفة بها الوجود في الزمان الثاني كان لزوم المحال أظهر لأنه يؤول إلى أن الواجب موجود في الزمان الثاني لأمر سوى ذاته واعترض صاحب الصحائف بأن اللازم ليس الا افتقار صفة إلى صفة أخرى نشأت من الذات ولا امتناع فيه كالإرادة يتوقف على العلم والعلم على الحياة وليس بشيء لأن الوجود ليس من الذات ولو سلم فافتقاره إلى أمر سوى الذات ينافي الوجوب بالذات وثالثها أن الذات لو كان باقيا بالبقاء لا بنفسه فإن افتقر صفة البقاء إلى الذات لزم الدور لتوقف ثبوت كل في الزمان الثاني على الآخر وإن افتقر الذات إلى البقاء مع استغنائه عنه كان الواجب هو البقاء لا الذات هف وإن لم يفتقر أحدهما إلى الآخر بل اتفق تحققهما معا كما ذكره صاحب المواقف لزم تعدد الواجب لأن كلا من الذات والبقاء يكون مستغنيا عما سواه إذ لو افتقر البقاء إلى شيء لافتقر إلى الذات ضرورة افتقار الكل إليه والمستغنى عن جميع ما سواه واجب قطعا هذا مع أن ما فرض من عدم افتقار البقاء إلى الذات محال لأن افتقار الصفات إلى الذات ضروري ورابعها أن البقاء لو كان صفة أزلية زائدة على الذات قائمة به كانت باقية بالضررة وحينئذ فإن كان لها بقاء ينقل الكلام إليه ويتسلسل وأيضا يلزم قيام المعنى بالمعنى وهو باطل عندكم وإن لم يكن له بقاء كان كعالم بلا علم وقد بين بطلانه فإن قيل هو باق بالبقاء إلا أن بقاء نفسه لا زائد عليه ليتسلسل قلنا فحينئذ يجوز أن يكون الباري تعالى باقيا ببقاء هو نفسه عالما بعلم هو نفسه فلا يثبت زيادة صفة البقاء على ما هو رأي الشيخ ولا زيادة العلم والقدرة وغيرهما على ما هو رأي أهل الحق واعترض على هذا الجواب بأن كون بقاء الباري أو علمه أو قدرته نفس ذاته محال لما مر في إثبات الصفات بخلاف كون بقاء البقاء نفس البقاء كوجود الوجود وقدم القدم وغير ذلك فأورد الأشكال ببقاء الصفات فإن العلم القديم باق بالضرورة وكذلك سائر الصفات مع امتناع أن يكون البقاء نفس العلم والقدرة وغيرهما فيلزم قيام المعنى بالمعنى وثبوت قدماء أخر لم يقل بها أحد وللقوم في التفصي عن هذا الإشكال وجوه الأول لبعض القدماء أنا نقول الذات باق بصفاته ولا نقول الصفات باقية ليلزم المحال وفساده بين لأن كون الصفة الأزلية باقية ضروري الثاني لبعض الأشاعرة ونسب إلى الشيخ أن العلم باق ببقاء هو نفس العلم وكذا سائر الصفات كما ذكر في البقاء وأوضحه الأستاذ بأنه لما ثبت قدم الصفات ولزم كونها باقية وامتنع الباقي بلا بقاء وكونها باقية ببقاء زائد لاستحالة قيام المعنى بالمعنى ثبت أن كلا منها باقية ببقاء
(١٠٧)