صورة ما وتأخرها عنها من حيث هي صورة مشخصة على وجه يندفع عند ماسخ عليه من الإشكالات عسر جدا والمتأخرون قد بذلوا فيه المجهود وبلغوا مداه ولو علمنا فيه خير إلا وردناه (قال الخامس 7) من تفاريع القول بالهيولي والصورة إثبات صور نوعية هي مبادي اختلاف الأنواع بالآثار وبيانه أنه لا خفاء في أن للأجسام آثارا مختلفة كقبول الانفكاك والالتيام بسهولة كما في الماء أو بعسر كما في الأرض أو امتناع عن ذلك كما في الفلك وكالاختصاص بمالها بحسب طبعها من الأشكال والأمكنة والأوضاع وليس ذلك بمجرد الجسمية المشتركة ولا الهيولي القابلة وهو ظاهر ولا بأمر مفارق لتساوي نسبته إلى جميع الأجسام ولأن الكلام في آثار الأجسام فيلزم الخلف فتعين أن تكون بأمور مختصة مقارنة ويجب أن تكون صور إلا أعراضا لأنا ننقل الكلام إلى أسباب تلك الأعراض فيتسلسل ولأن تنوع الأجسام وتحصلها موقوف على الاتصاف بتلك الأمور ومن المحال تقوم الجوهر بالعرض واعترض بأن الترديد المذكور يجري في اختصاص كل جسم بماله من الصورة وقرره الإمام بأن اختصاص الجسم بهذه الصورة مثلا لو كان لأجل صورة أخرى فإما أن يكون ذلك على طريق المساوقة فيلزم استناد كل صورة إلى صورة لا إلى نهاية أو على طريق المسابقة بأن تستند الصورة الحاصلة في الحال إلى صورة سابقة عليها فيندفع أصل الاحتجاج لجواز أن يستند كل عرض إلى عرض سابق عليه فأجاب بأنه على طريق المسابقة ويمتنع مثله في الأعراض لأنها مستندة إلى مبادي موجودة في الأجسام تعيدها عند زوالها بالقسر لوجهين أحدهما أن الماء المسخن بالنار يعود باردا فلو لا أن في جسم الماء شيئا محفوظ الذات عند ملاقاة النار لما كان كذلك بخلاف الصورة المائية فإنها إذا زالت إلى الهوائية لا تعود بالطبع وثانيهما أن كيفيات العناصر تنكسر صرافتها عند الامتزاج ولا كاسر سوى الصورة لما سيجيء في بحث المزاج وأنت خبير بأن هذا إنما يتم لو ثبت أن كل عرض كذلك أي بحيث أن يعود بعد الزوال وينكسر عند الامتزاج وإلا فيجوز أن تكون الأعراض التي كذلك مستندة إلى أمور محفوظة هي أعراض يستند كل منها إلى عرض قبله وهكذا إلى غير النهاية كالصور ولذا قال إمام في موضع آخر أن الذي حصل بالدليل هو استناد هذه الأعراض من الأين والكيف وغيرهما إلى قوى موجودة في الجسم وأما أنها صور لا أعراض فلا بل الأقرب عندنا أنها من قبيل الأعراض والحاصل أنه كما لا يمتنع تعاقب الصور على الإطلاق لا يمتنع تعاقب الأعراض التي يستند إليها ما يعود بعد الزوال فيكون كل سابق معدا للأحق ويرجع اختلافها إلى اختلاف الاستعدادات وإن كان المبدأ واحدا وقد يقال نحن نعلم بالضرورة أن ههنا آثارا صادرة عن الأجسام كالإحراق للنار والترطيب للماء فلو لم يكن فيها إلا الهيولي والصورة الجسمية لما كان كذلك فلا بد فيها من أمور هي مبادي تلك الآثار
(٣١٦)