شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣١١
في المكعب وقد يستدل على وجوب الشكل له بأنه متناه ضرورة فتكون له نهاية وحد يحيط به إما واحد فيكون كرة أو أكثر فيكون مضلعا ويجاب بأنه إن أريد بكونه متناهيا أنه لا يمتد إلى غير نهاية فمم ولا يلزم إحاطة حد به مغاير للمحاط وإن أريد أنه يحيط به نهاية وينتهي إلى جزء لا جزء له وراءه فممنوع بل هو نفس النهاية أعني الجزء الذي إليه ينتهي ومنها أنهم اتفقوا على أنه لاحظ له من الطول والعرض بمعنى أنه لا يتصف بشيء من ذلك وإلا لكان منقسما ضرورة وإنكار ذلك على ما نسب إلى أبي الحسين الصالحي من قدماء المعتزلة جهالة والمحكي في كلام المعتزلة عن الصالحي أنه كان يقول الجزء الذي لا يتجزأ جسم لا طول له ولا عرض ولا عمق وليس بذي نصف وأن الجسم ما احتمل الأعراض ونقل الآمدي اتفاق الكل على أن للجزء حظا من المساحة وحمله على أن له حجما ما على ما في المواقف لا يزيل الاشتباه ولزوم قبول الانقسام بل ربما كان ذلك في الحجم أظهر لأنه اسم لما له امتداد ومقدار ما بحيث إذا كان ذلك في الجهات كان جسما وإن أريد أن له مدخلا في الحجمية والمساحة حيث يزيد ذلك بزيادة الأجزاء فكذا في الطول والعرض والمذكور في كلام المعتزلة أن له حظا من المساحة ومن الطول عند ابن الراوندي واتفق أبو علي وأبو هاشم على أن لاحظ له من الطول لأن مرجعه إلى التأليف الذي تذهب به الأجزاء في جهة مخصوصة ثم اختلفا فذهب أبو علي إلى أن لاحظ له من المساحة لأنها أيضا باعتبار التأليف وذهب أبو هاشم إلى أن له حظا من المساحة لأنها اسم لتحيز الجوهر وجرمه الموجب لتكاثفه عند انضمام أمثاله إليه ومنها اختلافهم في أن الجوهر الواحد هل يوصف بالجهات وفي أنه هل يجوز أن يرى وفي أنه هل يجوز أن يصير بثقل الجبل وفي أنه كم يجوز أن يلقاه من الجواهر وفي أنه هل يجوز أن يخلقه الله تعالى على الانفراد وفي أنه هل يجوز أن تحله الحركة والسكون على البدل وفي أنه هل يجوز أن تحله أعراض كثيرة وتفاصيل ذلك مذكورة في المطولات ونحن لا نبالي أن ينسب كتابنا إلى القصور بأعوزة لما لا طائل فيه ونسأل الله سبحانه لمن اجتهد في نفض ذلك الغبار عن الكلام شكر مساعيه (قال وأما القائلون) ذكر الإمام أن القائلين بكون الجسم من أجزاء صغار قابلة للانقسام الوهمي دون الفعلي اختلفوا في أشكالها فذهب الأكثرون إلى أنها كرات لبساطتها والتزموا القول بالخلاء وقيل مكعبات وقيل مثلثات وقيل مربعات وقيل على خمسة أنواع من الأشكال فللنار ذو أربع مثلثات وللأرض مكعب وللهواء ذو ثماني قواعد مثلثات وللماء ذو عشرين قاعدة مثلثات وللفلك ذو اثني عشر قاعدة مخمسات وذكر في الشفاء أنهم يقولون أنها مختلفة الأشكال وبعضهم يجعلها الأنواع الخمسة (قال ثم المشهور من الطائفتين) أي القائلين بكون الجسم من أجزاء لا تنقسم أصلا والقائلين بأنها تنقسم وهما لا فعلا أنها متماثلة أي جوهرها واحد بالطبع في جميع الأجسام فاختلاف الأجسام إنما يكون بحسب الأعراض دون الماهيات واختلاف
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»