شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣١٥
ببعض وذلك مستلزم للمادة ولما لاح على هذا الطريق أثر الضعف بناء على الهم بنوا ثبوت الماد ة على إمكان الاتصال والانفصال في الجسم نفسه حتى لو لم يوجد إلا جسم واحد كان كذلك لا الاتصال والانفصال فيما بين الأجسام وإن دعوى إمكان الاتصال فيما بين كل جسمين حتى الفلك والغنصر بحسب الطبيعة الجسمية ربما لا يسمع عدل إلى طريق الانفعال فقال وبالجملة لا يمكن أن يحصل الاختلافات المقدارية والشكلية عن فاعلها في الامتداد إلا بعد أن يكون فيه قوة الانفعال المقتضية للمادة وأجيب عن القض أيضا بوجهين أحدهما أن هناك مادة تقبل الكلية والجزئية لقبولها بذاتها الاتصال والانفصال فيعود اختلاف الشكل والمقدار فيما بين الكل والجزء إلى اختلاف القابل وإن كان الفاعل واحدا هو الصورة النوعية بخلاف الصورة الجسمية إذا فرضناها مجردة عن المادة فإنه لا يتصور فيها ذلك لأن حصول الجزئية بالانقسام والكلية بالالتئام من لواحق المادة وثانيهما أن هناك مانعا هو الجزئية فإنه لما حصل للكل ذلك الشكل والمقدار امتنع بالضرورة حصوله للجزء ما دام الجزء جزأ والكل كلا ولا يتصور ذلك في الصورة المجردة عن المادة وهذا عائد إلى الأول إلا أنه يرد عليه أن الجزء وإن امتنع كونه على مقدار الكل لا يمتنع كونه على شكله كتدوير الفلك وحامله والمقصود بالنقض هو الشكل وإنما المقدار استطراد وجوابه أن الجزئية تمنع لزوم كون الجزء على شكل الكل ضرورة امتناع كرية جميع أجزاء الكرة وهذا كاف في دفع النقض على أن مقتضى عدم التعدد في الفاعل والقابل هو أن يكون شكل الجزء والكل واحد بالشخص ولا خفاء في أن الجزئية تمنع ذلك (قال الرابع 6) قد ثبت امتناع كل من الهيولي والصورة بدون الأخرى فاحتيج إلى بيان ذلك على وجه لا يدور وذلك أن الهيولي يحتاج في بقائها إلى صورة لا بعينها وتبقى محفوظة بصور متواردة كالسقف يبقى بدعائم تزال واحدة وتقام أخرى نعم قد يلزم صورة واحدة لأسباب خارجية كما في الفلك والصورة تحتاج في تشخصها إلى الهيولي المعينة التي هي محلها لما علم من أن تشكلها إنما يكون بالمادة وما يتبعها من العوارض وليست الصورة علة للهيولي لكونها حالة فيها محتاجة إليها ولكونها مقارنة لما هو متأخر عن الهيولي أعني التناهي والتشكل التابعين للمادة ولكونها جائزة الزوال إلى صورة أخرى مع بقاء الهيولي بعينها ولا يعقل في الشيء المعين أن تكون علته شيئا لا بعينه وليست الهيولي علة للصورة لما تقرر عندهم من أن القابل لا يكون فاعلا ومن أن الهيولي لا تقوم بالفعل إلا بالصورة فتكون محتاجة إليها في الوجود متأخرة عنها ولأنها قابلة لصور غير متناهية فلا تكون علة لشيء منها لعدم الأولوية وأن انضم إليها ما يفيد الأولوية لم يكن للهيولي إلا القبول والحق أن بيان كيفية تعلق الهيولي بالصورة وامتناع علية إحداهما للأخرى ووجوب تقدم الصورة على الهيولي من حيث هي
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»