أو سكون واجتماع أو افتراق على تقدير تمامه إنما يفيد هذا الإيجاب الجزئي لا الإيجاب الكلي المدعى نعم يصلح للرد على القائلين بالسلب الكلي وعلى البغدادية القائلين بجواز الخلو عما عدا الألوان وكذا احتجاجهم بأن الشيء لا يوجد بدون التشخص ضرورة وتشخص الأجسام إنما هو بالأعراض لكونها متماثلة لتألفها من الجواهر المتماثلة فلو وجدت بدون الأعراض لزم وجود الغير التشخص وهو محال لا يفيد العموم أعني امتناع الجسم بدون أحد الضدين من كل عرض لأن البعض كاف في التشخص نعم يفيد عموم الأوقات أعني الأزل وما لا يزال بخلاف الأول فإنه ربما يمنع امتناع خلو الجسم في الأزل عن الحركة والسكون بل إنما يكون ذلك في الزمان الثاني والثالث وعن الاجتماع والافتراق بل إنما يكون ذلك على تقدير تحقق جسم آخر فيحتاج في التعميم إلى قياس ما قبل الاتصاف أعني الأزل على ما بعده أعني ما لا يزال كإيقاس بعض الأعراض على البعض تعميما للدليلين في جميع الأعراض وتقريره أن اتصاف الجوهر بالعرض إما لذاته وإما لقابليته له ونسبة كل منهما إلى جميع الأعراض والأزمان على السوية والجواب منع المقدمتين واحتج القائلون بجواز خلو الجسم عن الضد ين في الجملة بوجوه الأول أنه لو لم يجز لكان الباري تعالى مضطرا عند خلق الجسم إلى خلق العرض وهو ينافي الاختيار والجواب أن عدم القدرة على المح كوجود الملزوم بدون اللازم لا يوجب العجز وسلب الاختيار الثاني أنه لو لم يجز خلو الجسم عن الاجتماع والافتراق لما جاز أن يخلق الله تعالى جسما هو أول الأجسام بحسب الزمان واللازم قطعي البطلان الثالث أنه لو لم يجز خلوه عن جميع الألوان لما وقع وقد وقع كالهواء لا يقال لا نسلم خلوه عن اللون بل غايته عدم الإحساس به لأنا نقول عدم الإحساس بما من شأنه الإحساس به مع سلامة الحاسة وسائر الشرائط دليل على عدمه فإن قيل من جملة الشرائط انتفاء المانع وتحققه ممنوع قلنا فتح هذا الباب يؤدي إلى جواز أن يكون بحضرتنا جبال شامخة وأصوات هائلة ولا ندركها لمانع وقد يجاب بأن الشفيف ضد اللون لا عدم (قال ومنها أنها متناهية الأبعاد 3) جعل هذا من أحكام الأجسام نظرا إلى أن البعد الجسمي هو المتحقق بلا نزاع بخلاف الخلاء ونقل القول بلا تناهي الأبعاد عن حكماء الهند وجمع من المتقدمين وأبي البركات من المتأخرين والمشهور من أدلة المانعين ثلاثة الأول برهان المسامتة وتقريره ظاهر من المتن وإنما اعتبر حركة الكرة لأن الميل من الموازاة إلى المسامتة هناك في غاية الوضوح لا يتوقف فيه العقل بل يكاد يشهد به الحس ومعنى موازاة الخطين أن لا يتلاقيا ولو فرض امتدادهما لا إلى نهاية والمسامتة بخلافها وإنما اعتبر النقطة بحسب الوهم لأن ثبوتها بالفعل غير لازم ما لم ينقطع الخط بالفعل وفيما أوردنا من تقرير البرهان إشارة إلى دفع اعتراضات نورد عليه فمنها منع لزوم أول نقطة المسامتة مستند بما ذكرنا في باين استحالة اللازم وتقريره على تقدير لا تناهي البعد لا يلزم
(٣٢١)