شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٢٠
محالا هو الخلو عن الشكل والحيز لأنا نقول ما يقتضيه لازم الماهية يكون طبيعيا لا قسريا وهو ظاهر ولم يريدوا بالحيز ههنا المكان بمعنى السطح الباطن من الحاوي حتى يرد الاعتراض بأن الجسم قد لا يكون له محل كالمحدد فضلا عن أن يكون طبيعيا ولا الفراغ الذي يشغله الجسم لما قال ابن سينا إن كل جسم له حيز طبيعي فإن كان ذا مكان كان حيزه مكانا وقال أيضا لا جسم إلا وله حيز إما مكان وإما وضع ترتيب فإن قيل الاختصاص بالحيز الطبيعي كما أنه ليس معللا بالأسباب الخارجية كذلك ليس معللا بالجسمية ولوازمها بل لا بد من خصوصية فينقل الكلام إليها ويتس قلنا قد سبق في بحث الصور النوعية ما يزيل هذا الإشكال واتفقوا على أن الحيز الطبيعي لا يكون إلا واحدا لأن مقتضى الواحد واحد ولأنه لو تعدد فعند عدم القاسر إما أن يحصل فيهما وهو مح بالضرورة أو في أحدهما فلا يكون الآخر طبيعيا وأيضا إذا بقي خارجا بالقسر فعند زوال القاسر إما أن بتوجه إليهما وهو مح أو إلى أحدهما وفيه ميل عن الآخر فيصير المط بالطبع مهروبا بالطبع أو لا يتوجه إلى شيء منهما فلا يكون شيء منهما طبيعيا لا يقال يجوز أن يكون الحصول في أحدهما أو الميل إليه بحسب ما يتفق من الأسباب المخصصة مانعا من الآخر لأنا نقول الكلام فيما إذا فرض خاليا عن جميع الأسباب الخارجة نعم يرد عليه أنه يجوز أن لا يحصل في أحدهما ولا يتوجه إليه لامتناع الترجح بلا مرجح وكون كل مانعا من الآخر بل يبقى حيث وجد وجعل صاحب المواقف إثبات الحيز الطبيعي من فروع القول بالهيولي نظرا إلى أن القائلين بالجزء يجعلون الأجسام متماثلة لا تختلف إلا بالعوارض (قال ومنها أنه يمتنع 4) اعلم أن ظاهر مذهبي المنع والتجويز ليسا على طرفي النقيض لأن حاصل الأول وهو مذهب أكثر المتكلمين أنه يجب أن يوجد في كل جسم أحد الضدين من كل عرض أي من كل جنس من أجناس الأعراض إذا كان قابلا له كذا في نهاية العقول وقال إمام الحرمين مذهب أهل الحق أن الجوهر لا يخلو عن كل جنس من الأعراض وعن جميع أضدادها إن كان له أضداد وعن أحد الضدين إن كان له ضد وعن واحد من جنسه إن قدر عرض لا ضد له ولا خلاف في امتناع الحلو عن الأعراض بعد قبولها وحاصل الثاني أنه يجوز أن لا يوجد فيه شيء من الأعراض أما في الأزل كما هو رأي الدهرية القائلين بأن الأجسام قديمة بذواتها محدثة بصفاتها وأما فيما لا يزال كما هو رأي الصالحية من المعتزلة فرجع الأول إلى إيجاب كلي والثاني إلى سلب كلي والأشبه هو الإيجاب الجزئي بمعنى أنه يجب أن يوجد في كل جسم شيء من الأعراض إلا أن القائلين بالتفصيل منهم من خصه بالألوان بمعنى أنه يجب أن يوجد فيه شيء من الألوان وهم المعتزلة البعدادية ومنهم من خصه بالأكوان بمعنى أنه يجب أن يوجد فيه الحركة أو السكون والاجتماع أو الافتراق وهم البصرية واحتجاج المانعين بأن الجسم متحقق في الزمان ومتكثر بالعدد فلايخ عن حركة
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 326 ... » »»