شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣١٢
الأعراض مستند عند المتكلمين إلى الفاعل المختار وعند الآخرين إلى اختلاف الأشكال الأجزاء على ما صرح به في الشفاء وهل يلزم أن يكون بعض تلك الأعراض داخلا في حقيقة الجسم فتكون عوارض للأجزاء وذاتيان للأجسام فيتحقق اختلافها بحسب الماهية فيه كلام سيجيء إن شاء الله (قال وأما القائلون 6) ذكر من فروع القول بتركب الجسم من الهيولي والصورة خمسة الأول ثبوت ذلك لكل جسم وإن لم يكن قابلا للانفصال الانفكاكي كالفلكيات وذلك لأن الجسمية أعني الامتداد الجوهري طبيعة نوعية إذ لا تختلف حيث تختلف إلا بالعوارض والمشخصات دون الفصول وقد ثبت أنها فيما يقبل الانفصال الانفكاكي مفتقرة إلى المادة نظرا إلى ذاتها الاتصالية من غير اعتبار بالتشخصات والأسباب الخارجة فكذا فيما لا يقبله لأن لازم الماهية لا يختلف ولا يتخلف وتحقيق ذلك ما ذكر في الشفاء أن جسمية إذا خالفت جسمية أخرى تكون لأجل أن هذه حارة وتلك باردة وهذه لها طبيعة فلكية وتلك لها طبيعة عنصرية وهي أمور تلحق الجسمية من خارج فإن الجسمية في الخارج موجودة والطبيعة الفلكية موجودة أخرى وقد انضاف إلى تلك الطبيعة القائمة المشار إليها هذه الطبيعة الأخرى في الخارج بخلاف المقدار الذي هو ليس في نفسه شيئا محصلا ما لم يتنوع بأن يكون خطا أو سطحا إذ ليست المقدارية موجودة والخطية موجودة أخرى بل الخطية نفسها هي المقدارية المحمولة عليها فالجسمية مع كل شيء بفرض بشيء متقرر هو جسمية فقط من غير زيادة وأما المقدار فلا مقدار فقط بل لا بد من فصول حتى يوجد ذاتا متقررة إما خطا أو سطحا فإن قيل لا خفاء ولا خلاف في أن الجسم جنس تحته أنواع بل أجناس وإنما الكلام في أنه جنس عال أو فوقه جنس الجوهر فكيف يصح القول بأن الجسمية طبيعة نوعية ثم أي حاجة إلى ذلك في إثبات المطلوب ومعلوم أن لوازم الطبيعة الجنسية أيضا لا يختلف ولا يتخلف قلنا فرق بين الجسم الذي يؤخذ أمرا مبهما لا يتحصل إلا بما ينضاف إليه من الفصول وبين الجسمية المتحصلة في الخارج بحكم الحس واحتيج إلى بيان نوعيتها ليعلم أن احتياجها إلى المادة كما أنه ليس من جهة تشخصها أعني كونها هذه الجسمية أو تلك التخصص بالبعض دون البعض كذلك ليس من جهة فصول بعض الأقسام أو ما هيأتها بأن تكون الجسمية طبيعة جنسية تحتها جسميات مختلفة الخفايق بالفصول ممكنة الافتراق في اللوازم كالحيوانية أو عرضا عاما لجسميات كذلك كالوجود نعم يرد بعد تسليم ما ذكر في بيان نوعيتها أنه لم لا يجوز أن يكون ذلك من جهة بعض العوارض كقبول الانفصال الانفكاكي فلا يجري فيما لا يقبله كالفلكيا وقد أشير في الإشارات إلى الجواب بأن قبول الجسمية للانفصال مع امتناع بقائها معه معرف لاحتياجها في ذاتها إلى المادة فيفتقر إليها حيث كانت يعني أنه ليس علة للاحتياج ليختص الاحتياج بما يقبل الانفصال
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»