الناطقة على رأي أرسطو والإمكان لا ينافي الأبدية ولا الأزلية كما في القدماء الزمانية دون الذاتية على رأي الفلاسفة وقد يستدل بنحو قوله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه وكل من عليها فان وغير ذلك من العمومات مع القطع بأن الهلاك والفناء في المركبات وإن جاز أن يكون بانحلال التركيب وزوال الصور لكن في البسائط وأجزاء الجسم من الجواهر الفردة أو الهيولي والصورة لا يتصور إلا بالانعدام (قال وحين اقتضت 3) يعني أن ما ذكر في عدم بقاء الأعراض من أنها لو بقيت لامتنع فناؤها لما كان جاريا في الأجسام أيضا على ما سبق اعتبر النظام قيام الدليل على صحة فنائها فالتزم أنها لا تبقى زمانين وإنما تتجدد بتجدد الأمثال كالأعراض قولا بانتفاء الملزوم لانتفاء اللازم والكرامية قضاء الضرورة ببقائها فالتزموا امتناع فنائها قولا بثبوت اللازم لثبوت الملزوم وقد سبق في بحث امتناع بقاء العرض بطلان دليل هذه الملازمة فاندفع ما ذكره الفريقان مع إمكان التفصي عن النقض بأنه يجوز أن تفنى الأجسام بعد بقائها بأن لا يخلق الله تعالى فيها الأعراض التي يكون بقاء الجسم محتاجا إليها مشروطا بها كالأكوان وغيرها على ما ذهب إليه القاضي وإمام الحرمين أو بأن لا يخلق فيها العرض الذي هو البقاء كما قال الكعبي أو بأن يخلق فيها عرضا هو الفناء إما متعددا كما قال أبو علي أنه تعالى يخلق لكل جوهر فناء وإما غير متعدد كما قال غيره أن فناء واحدا يكفي لإفناء كل الأجسام وزعم بعضهم أن قول النظام بعدم بقاء الأجسام مبني على أن الجسم عنده مجموع أعراض والعرض غير باق وقد نبهناك على أن ليس مذهبه أن الجسم عرض بل أن مثل اللون والطعم والرائحة من الأعراض الأجسام قائمة بأنفسها وأما الفلاسفة فلا نزاع لهم في فناء الأجسام بزوال الصور النوعية والهيئات التركيبية وإنما النزاع في فنائها بالكلية أعني الهيولي والصورة الجسمية ومبني ذلك عندهم على اعتقاد أزليته المستلزمة لأبديته فإن ما ثبت قدمه امتنع عدمه وسيرد عليك شبههم بأجوبتها (قال ومنها أن الجسم لا يخلو عن شكل 8) لأنه متناه على ما سيجيء وكل متناه فله شكل إذ لا معنى له سوى هيئة إحاطة النهاية بالجسم وأما الافتقار إلى الحيز بمعنى فراغ يشغله فضروري وإنما يذكر هو وأمثاله من الأحكام الضرورية في المباحث العلمية من حيث يفتقر إلى تنبيه أو زيادة تحقيق وتفصيل أو تعقيب تفريع أو يقع فيه خلاف من شرذمة ثم استناد خصوصيات الأشكال والأحياز إلى القادر المختار هو المذهب عندنا كما سيجيء وذهبت الفلاسفة إلى أن لكل جسم شكلا طبيعيا وحيزا طبيعيا لأنه عند الخلو عن جميع القواسر والأسباب الخارجة يكون بالضرورة على شكل معين في حيز معين وهو المعنى بالطبيعي وعلى هذا ألا يرد الاعتراض بأنه يجوز أن يقتضي شكلا ما وحيزا ما ككل جزء من أجزاء الأرض وتستند الخصوصية إلى سبب خارج كإرادة القادر المختار لا يقال لعل من الأسباب ما هو من لوازم ماهيته فيكون فرض الخلو عنه فرض محال فيجوز أن يستلزم
(٣١٩)