شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣١٣
بل علة للتصديق بالاحتياج الذاتي فيعم ولا خفاء في توجه المنع وقد تقرر عموم الهيولي للأجسام بأن كل جسم فهو بالنظر إلى ذاته وامتداده ومقداره قابل للانفصال الانفكاكي وإن امتنع ذلك لأمر زائد لازم كالصورة الفلكية أو غير لازم كغاية الصغر والصلابة وفي شرح الإشارات ما يشعر بأن قبول الانفصال الوهمي كاف في إثبات المادة إذ لا يقال للاتصال مع الانفصال فلا بد من قابل باق واعترض بأن الانفصال الوهمي إنما يرفع الاتصال في الوهم دون الخارج فلا يلزم وجود الهيولي في الخارج على ما هو المطلوب وأجيب بأن معنى إمكان الانفصال الوهمي هو أن يكون الجسم بحيث يصح حكم الوهم بان فيه شيئا غير شيء وجزأ دون جزء لا من الأحكام الكاذبة الوهمية بل الصادقة المبنية على إمكان جزء غير جزء في نفس الأمر وهو معنى إمكان الانفصال الخارجي وحاصله أن القسمة الوهمية وإن لم تستلزم الانفكاكية لكن قبولها يستلزم قبولها وهو يستلزم ثبوت المادة في نفس الأمر (قال الثاني 2) من فروع القول بالهيولي أنها تمتنع أن توجد مجردة عن الصورة لأنها حينئذ إما أن تكون ذات وضع أو لا والمراد بالوضع ههنا كون بحيث يمكن أن يشار إليه بأنه هنا أو هنالك فإن كانت ذات وضع كان جسما لكونه جوهرا الشيء متحيزا قابلا للانقسام في الجهات لما علم في بحث نفي الجزء من أنه يمتنع أن يوجد جوهر متحيز لا ينقسم أصلا بمنزلة النقطة أو ينقسم في جهة دون جهة بمنزلة الخط أو السطح وإنما لم يقل كان جسما أو حالا في جسم كالأعراض والصور لأن الكلام في جوهر قابل للصور وإن لم تكن ذات وضع ولا محالة تصير محلا للصورة في الجملة فعند حلول الصورة إما أن تكون في جميع الاحياز أو لا تكون في حيز أصلا وكلاهما باطل بالضرورة أو تكون في بعض الاحياز وهو تخصيص بلا مخصص لأن نسبة الصورة الجسمية إلى جميع الاحياز على السوية فإن قيل لعل معها صورة نوعية تقتضي الاختصاص قلنا فننقل الكلام إلى خصوصية ذلك المظهر أعني الصورة النوعية دون سائر المظاهر ثم تعين هذا الحيز من بين الأحياز التي هي أجزاء حيز كلية ذلك النوع ولا يرد النقض بهذا الجزء من الأرض مثلا حيث يخصص بهذا الجزء من جزء الأرض لجواز أن يكون ذلك بسبب صورة سابقة مقتضية لهذا الوضع المقتضي بهذا الحيز كما إذا صار جزء من الهواء ماء ثم أرضا فإنه ينزل على استقامة إلى أن يقع في حيز من الماء ثم الأرض وسيجئ لهذا زيادة بيان وكذا الكلام في وجه اختصاص المادة بما لها من الصورة النوعية على ما نفصله في الفرع الخامس فلا يرد النقض به نعم يتوجه أن يقال لم لا يجوز أن تكون للهيولي المجردة أوصاف وأحوال غير الصور والأوضاع تعدها الاختصاص عند التجسم ببعض الأوضاع والأحياز على التعيين وأما الدفع بإسناد الاختصاص إلى القادر المختار على ما ذكره الإمام فلا يتأتى على أصول القائلين بالهيولي (قال الثالث امتناع الصورة بدون الهيولي 9) ولهم في بيان ذلك وجود
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»