شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣١٠
والإثنينية لأن امتياز أفراد الطبيعة الواحدة الحالة إنما يكون بحسب المحل وهذا مدفوع بأنهما متميزان بالحقيقة مع أن محل العرضي هو الجوهري أو الجسم ومحل الجوهري هو المادة وإن أريد عدم الامتياز في الحس فلا ضير قال وقد يستدل إشارة إلى معارضة أوردها الإمام تقريره أنه لووجدت الهيولي فإما أن يكون متحيزة أو لا وكلامهما محال أما الثاني فلامتناع حلول الجسمية المختصة بالحيز والجهة فيما ليس بمتحيز أصلا ولهذا لا يقع شك في امتناع كون بعض المجردات محلا للأجسام وأما الأول فلأن تحيزها إما أن يكون بطريق الاستقلال أو التبعية ويلزم على الأول أن تكون هي والجسمية مثلين لاشتراكهما في أخص صفات النفس أعني التحيز بالذات فيمتنع أن يجتمعا لاستحالة اجتماع المثلين وأن يختص أحديهما بالمحلية والأخرى بالحالية لأن حكم الأمثال واحد وأن تختص الجسمية بالافتقار إلى المادة بل يجب إما استغناؤهما فلا تكون الجسمية حالة في مادة أو افتقارهما فيكون للمادة مادة ويتسلسل ويلزم على الثاني أن يكون المادة صفة للجسمية حالة فيها دون العكس لأن معنى الحلول التبعية في التحيز ولأنه لو جاز العكس لجاز أن يقال الجسم صفة للون حال فيه والجواب أن عدم كون تحيزها بالاستقلال لا يستلزم وصفيتها وحلولها لجواز أن يكون ذلك باعتبار أن حلول الجسمية فيها شرط لتحيزها ولا نسلم أن كل ما يكون تحيزه مشروطا بشيء كان هو وصفا لذلك الشيء حالا فيه بل ربما يكون بالعكس على أن الاشتراك في التحيز بالاستقلال لا يستلزم تماثلهما إذ لا نسلم أن ذلك أخص صفات النفس ولو سلم فالمتماثلان إنما يتساويان في لوازم الماهية لا في كل لازم لجواز أن يكون عائدا إلى العوارض (قال المبحث الرابع في تفاريع المذاهب) من فروع القول بكون الجسم من الجواهر الفردة اختلافهم في أن الجوهر الفرد هل يقبل الحياة والأعراض المشروطة بها كالعلم والقدرة والإرادة فجوزه الأشعري وجماعة من قدماء المعتزلة وأنكره المتأخرون منهم وهي مسألة كون الحياة مشروطة بالبنية وقد مرت ومنها اختلافهم في أنه هل يمكن وقوع جزء على متصل الجزئين فأنكره الأشعري لاستلزامه الانقسام وجوزه أبو هاشم والقاضي عبد الجبار ومنها اختلافهم في أنه هل يمكن جعل الخط المؤلف من الأجزاء دائرة فأنكره الأشعري وجوزه إمام الحرمين وقد سبق بيانهما ومنها اختلافهم في أن الجوهر الفرد هل له شكل فأنكره الأشعري وأثبته أكثر المعتزلة كذا ذكره الإمام ونقل الآمدي اتفاق الكل على نفيه لاقتضائه محيطا ومحاطا فينقسم وإنما الخلاف في أنه هل يشبه شيئا من الأشكال فقال ا لقاضي لا وقال غيره نعم ثم اختلفوا فقيل يشبه الكرة لأن في المضلع اختلاف جوانب وقيل المثلث لأنه أبسط الأشكال المضلعة وقيل المربع لأنه الذي يمكن تركب الجسم منه بلا فرج وهذا قول الأكثرين قال الإمام والحق أنهم شبهوه بالمكعب لأنهم أثبتوا له جوانب ستة وزعموا أنه يمكن أن يتصل به جواهر ستة من جوانب ستة وإنما يكون ذلك
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»