شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٢٧
امتداداتها الفعلية إلى السماء فلها الفوق فقط (قال ومنها 4) أي ومن أحكام الجسم أنها محدثة بالزمان والاحتمالات الممكنة ههنا ثلثه الأول حدوث الأجسام بذواتها وصفاتها وإليه ذهب أرباب الملل من المسلمين وغيرهم والثاني قدمها كذلك وإليه ذهب أرسطو وشيعته ونعني بالصفة ما يعم الصور والأعراض وتفصيل مذهبهم أن الأجسام الفلكية قديمة بموادها وصورها وأعراضها من الضوء والشكل وأصل الحركة والوضع بمعنى أنها متحركة حركة واحدة متصلة من الأزل إلى الأبد إلى أن كل حركة نفرض من حركاتها فهي مسبوقة بأخرى فتكون حادثة وكذا الوضع والعنصريات قديمة بموادها وصورها الجسمية وكذا صورها النوعية بحسب الجنس بمعنى أنها لم تزل عنصر أما لكن خصوصية النارية أو الهوائية أو المائية أو الأرضية لا يلزم أن تكون قديمة لما سيجيء من قبول الكون والفساد والثالث قدمها بذواتها دون صفاتها وإليه ذهب المتقدمون من الفلاسفة واختلفوا في تلك الذات التي ادعوا قدمها أنها جسم أو ليست بجسم وعلى تقدير الجسمية أنها العناصر الأربعة جلتها أو واحد منها والبواقي بتلطيف أو تكشيف والسماء من دخان يرتفع من ذلك الجسم أو جوهرة غير العناصر حدثت منها العناصر والسماوات أو أجسام صغار صلبة لا تقبل الانقسام إلا بحسب الوهم واختلفوا في أنها كرات أو مضلعات وعلى تقدير عدم الجسمية فقيل هي نور وظلمة والعالم من امتزاجهما وقيل نفس وهيولي تعلقت الأولى بالأخرى فحدثت الكائنات وقيل وحدات تحيزت وصارت نقطا واجتمعت النقط فصارت خطا واجتمعت الخطوط فصارت سطحا واجتمعت السطوح فصارت جسما وبالجملة فللقائلين بقدم العالم مذهب مختلفة مفصلة في كتب الإمام والظاهر أنها رموز وإشارات على ما هو دأب المتقدمين من الحكماء وأما قدمها لصفاتها دون ذواتها فغير معقول (قال لنا وجوه 3) المشهور في الاستدلال على حدوث الأجسام أنها لا تخلو عن الحوادث وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث أما الكبرى فظاهرة وأما الصغرى فلوجهين أحدهما أن الأجسام لا تخلو عن الأعراض كما مر والأعراض كلها حادثة إذ لو كانت قديمة لكانت باقية بما تقرر من أن القدم ينافي العدم والأزلية تستلزم الأبدية لكن اللازم باطل لما سبق
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»