شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٠٢
على ذلك الخط مثلث متساوي الأضلاع ثم تنصف الزاوية التي يؤثرها ذلك الخط بخط واصل منها إليه فتكون على منتصفه وبين منتصف الزاوية بأن يجعل خطاها متساويين ثم يوصل بين طرفيهما بخط يكون وترا لها ويعمل عليه من الطرف الآخر مثلث متساوي الأضلاع ثم يخرج خط من زاوية المثلث الأول إلى زاوية المثلث الثاني مارا بالخط الذي هو وتر لهما فينتصف الزاوية وبين عمل المثلث المتساوي الأضلاع على الخط بأن يرسم ببعده دائرتان يكون كل من طرفي الخط مركز الواحدة منهما فيتقاطعان لا محالة فيخرج من كل من المركزين خط إلى نقطة تقاطع الدائرتين ليحصل مثلث متساوي الأضلاع لكونها أنصاف أقطار الدائرتين المتساويتين هذا ولكن لا سبيل إلى إثبات الدائرة على القائلين بالجزء على ما ستعرفه الرابع أن كلا من الدائرة والكرة ممكن بل متحقق أما الدائرة فلأنا نتخيل على السطح المستوي خطا مستقيما متناهيا نثبت أحد طرفيه ونديره حول طرفه الثابت إلى أن يعود إلى موضعه الأول فيحصل سطح يحيط به خط مستدير حاصل من حركة الطرف المتحرك وفي باطنه نقطة هي الطرف الثابت جميع الخطوط الخارجة من تلك النقطة إلى ذلك المحيط متساوية لكون كل منها بقدر ذلك الخط الذي أدرناه ولا نعني بالدائرة إلا ذلك السطح أو الخط المحيط به وأما الكرة فلأنا إذا أثبتنا قطر الدائرة أعني الخط الخارج من المركز إلى المحيط في الجهتين وأدرناه نصف الدائرة على ذلك الخط إلى أن يعود إلى وضعه الأول حصل سطح مستدير محيط بجسم في باطنه نقطة جميع الخطوط الخارجة منها إلى ذلك السطح متساوية ولا نعني بالكرة إلا ذلك الجسم المحاط والسطح المحيط ثم أن كلا من الدائرة والكرة ينافي كون الأجسام والخطوط والسطوح من أجزاء لا تتجزأ أما الدائرة فلأنها لو كانت من أجزاء لا تتجزأ فإما أن تكون ظواهر الأجزاء متلاقية كبواطنها أو لا فعلى الأول إما أن تكون بواطنها أصغر من الظواهر فينقسم الجزء أو لا فيساوي في المساحة باطن الدائرة أعني المقعر ظاهرها أعني المحدب وهو باطل بالضرورة وإن شئت فبالبرهان وذلك أنه يستلزم تساوي جميع الدوائر المحاطة بها حتى التي يقرب المركز وكذا جميع الدوائر المحيطة بها حتى المحيط بجميع الأجسام وبطلانه ضروري واللزوم بين لأن التقدير تساوي الظاهر والباطن من كل دائرة وباطن المحيط يساوي ظاهر المحاط بحكم الضرورة وبحكم أن بإزاء كل جزء من المحيط جزأ من المحاط لأنه لا أصغر من الجزء ولا فرج بين ظواهر الأجزاء وعلى الثاني وهو أن تكون ظواهر الأجزاء غير متلاقية يلزم انقسام الجزء لأن غير الملاقي غير الملاقي وأيضا فما بينها من الفرج إن لم يسع كل منها جزأ لزم انقسام الجزء وإن وسعه لزم كون الظاهر ضعف الباطن والحس يكذبه وأما الكرة فلأنها لو كانت من أجزاء لا تتجزأ فالمدار الذي يلاصق المنطقة التي هي أعظم الدوائر المتوازية على الكرة إما أن يكون بإزاء
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»