شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٠٣
كل جزء من المنطقة جزء منه فيلزم تساويهما وهكذا جميع ما يوازيهما حتى التي حول القطب وبطلانه ظاهر أو أقل من جزء فيلزم انقسام الجزء إذا تقرر هذا فقد انتظم أنه كلما صح القول بالدائرة أو الكرة لم يصح القول بالجزء لكن المقدم حق أو كلما صح القول بالجزء لم يصح القول بهما لكن التالي باطل ولا خفاء في أن ما ذكروا من حركة الخط ونصف الدائرة محض توهم لا يفيد إمكان المفروض فضلا عن تحققه ولو سلم فإنما يصح لو لم يكن الخط والسطح من أجزاء لا تتجزأ إذ مع ذلك تمتنع الحركة على الوجه الموصوف لتأديها إلى المحال الخامس برهن إقليدس في شكل العروس على أن كل مثلث قائم الزاوية فإن مربع وتر زاويته القائمة مساو لمربعي ضلعيها بمعنى أن الحاصل من ضربه في نفسه مثل مجموع الحاصل من ضرب كل من الضلعين في نفسه فإذا فرضنا كلا من الضلعين عشرة مثلا كان مجموع مربعيهما مأتين فيكون الضلع الآخر أعني وتر القائمة جذر المأتين وهو أكثر من أربعة عشر لأن مجذورها مائة وستة وتسعون وأقل من خمسة عشر لأن مجذورها مائتان وخمسة وعشرون وكذا في كل ما لا يكون لمجموع مربعي الضلعين جذر منطبق السادس نفرض خطا من جزئين فنضع فوق أحدهما جزأ فتحصل زاوية قائمة فوترها يجب أن يكون أقل من الثلاثة وأكثر من الاثنين لما بين إقليدس من أن وتر القائمة أقل من مجموع ضلعها وأكثر من كل منهما السابع نفرض مربعا من أربعة خطوط مستقيمة مضمومة بعضها إلى البعض على غاية ما يكن كل منهما من أربعة أجزاء فقطره خط يحصل من الجزء الأول من الخط الأول والثاني من الثاني والثالث من الثالث والرابع من الرابع فإن كانت متلاقية كان القطر مساويا للضلع ويبطله شكل العروس وإن كان بينها فرج ولا تكون إلا ثلثا فأما أن يسع كل منها جزأ فيكون القطر كالضلعين سبعة أجزاء وهو باطل بالشكل الحماري أو أقل فينقسم الجزء وبما ذكرنا من استقامة الخطوط وتضامها على غاية ما يمكن فظهر امتناع أن تقع الفرج فيما بين بعض الأجزاء دون البعض (قال ومنها) أي من تلك الطرق ما يبتنى على مقدمات هي بصدد المنع وهي وجوه الأول لو كان الجسم من أجزاء لا تتجزأ لكان الجزء ذاتيا له متعقلا قيل تعقله بين الثبوت له غير مفتقر إلى البيان ولا منكرا عند كثير من العقلاء ورد بأن ذلك إنما هو في الأجزاء العقلية كالأجناس والفصول ومع ذلك فيشترط تعقل الماهية بحقيقتها وأما الجزء الخارجي فقد يفتقر إلى البيان كالهيولي والصورة عندكم وكذا العقلي إذا لم تتصور الماهية بحقيقتها كجوهرية النفس وتجردها الثاني لو وجد الجزء لكان متناهيا ضرورة وكان متشكلا كرة أو مضلعا لأن المحيط به إما حد واحد أو أكثر وكل منهما يستلزم الانقسام أما المضلع فظاهر وأما الكرة فلأنه لا بد عند انضمام الكرات من تخلل فرج يكون كل منها أقل من الكرة ورد بعد تسليم تشكل الجزء بأن
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»