شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٩١
بين نهايتين غير متلاقيتين ومن شأنه أن يتوهم فيه نهايات من نوع تينك النهايتين فقد يكون بعد خطي من غير خط وسطحي من غير سطح كما في الجسم الذي لا انفصال في داخله بالفعل فإنك إذا فرضت فيه نقطتين فبينهما بعد خطي ولا خط وإذا فرضت خطين متقابلين فبينهما بعد سطحي ولا سطح وذلك البعد الخطي طول والسطحي عرض فيظهر الفرق بين الطول والخط وبين العرض والسطح حيث يوجد الأول بدون الثاني وإن لم يوجد خط بلا طول وسطح بلا عرض قال والمراد قبول أعيانها أورد الإمام أن الوهم يصح فرض الأبعاد الثلاثة فيه وليس بجسم فأجاب بأن المراد ما يكون كذلك بحسب الوجود الخارجي كما في قولهم الرطب ما يقبل الأشكال بسهولة ولا خفاء في أنه تحقيق للمقصود بحيث لا يرد الاعتراض بالنفس التي هي جوهر مجرد يقبل الأبعاد الثلاثة المتقاطعة وإلا فظاهر أن الوهم خارج بقيد الجوهرية والحاصل أن المراد صحة فرض الأبعاد بحيث يتحقق الاتصاف بها وذلك في الوجود المتأصل لا غير ومن اعتراضاته أن الهيولي جوهر يصح فرض الأبعاد الثلاثة فيها غايته أن قبولها للأبعاد يكون مشروطا بقبولها للصورة الجسمية ولا يجوز أن تكون الصورة جزأ من القابل لما تقرر عندهم من أنها مبدأ الفعل والحصول دون الإمكان والقبول بل الجوهر القابل هو الهيولي لا غير وجوابه أن ما اختص الهيولي بقبوله هو الصور لا الأعراض من الكميات والكيفيات وغيرها كيف وقد صرحوا بأنه لاحظ للهيولي من المقدار وإنما ذلك إلى الصورة فإنها امتداد جوهري به قبول الامتدادات العرضية على أنه قد سبق أن المراد بهذا القبول ما يعم الفعل ولو لزوما ولعل هذا الاعتراض بالنسبة إلى الصورة أوجه (قال وكلامهم متردد) الظاهر أن التعريف المذكور رسم بالخاصة المركبة إذ على تقدير جنسية الجوهر فالقابل للأبعاد أعم منه من وجه ولا كذلك حال الفصل ولهذا اتفقوا على أن المركب من أمرين بينهما عموم وخصوص من وجه ماهية اعتبارية وأيضا تحصل حقيقة الجسم بالأبعاد المفروضة غير معقول وأما التمسك بأن تركب الجسم إنما هو من الهيولي والصورة لا من الجوهر وقابل الأبعاد ليكون التعريف بهما حدا فضعيف لما عرفت من الفرق بين الأجزاء الخارجية والأجزاء العقلية التي هي الذاتيات ونقل عن ابن سينا ما يشعر بأنه متردد في أن هذا حد أو رسم وأبطل الإمام كونه حدا بأن الجوهر لا يصلح جنسا للجسم ولا قابلية الأبعاد فصلا أما الأول فلوجوه منها أن الجوهر هو مفسر بالموجود لا في موضوع والوجود زائد على الماهية لا ذاتي لها بل هو من المعقولات الثانية التي لا تحقق لها إلا في الذهن فلا يصلح جزأ للماهية الحقيقية وعدم الاحتياج إلى الموضوع عدمي لا يصلح ذاتيا للموجود لا يقال جميع الأجناس بل جميع الكليات من المعقولات الثانية لأنا نقول المنطقيات منها لا الطبيعيات كالجسم والحيوان ونحو ذلك ومنها أنه لو كان جنسا للجواهر لكان تمايزها
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»