شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٩٧
على السطح المستوي وعند زوال التماس من ذلك الموضع إلى موضع آخر يصير الكرة من ذوات الأضلاع على أن النقطة عندهم إنما هي النهاية للخط فلا توجد في الكرة بالفعل (قال واحتجوا) احتج القائلون بالجزء على أن أجزاء الجسم متناهية نفيا لقول النظام لوجوه الأول أنها محصورة بين حاصرين فكل ما هو كذلك عددا كان أو مقدارا فهو متناه بالضرورة الثاني أن لاتناهي الأجزاء يستلزم امتناع وصول المتحرك إلى غاية ما في المسافة لتوقفه على قطع نصفها ونصف نصفها وهلم جرا إلى ما لا يتناهى وذلك لا يتصور فيما يتناهى من الزمان وقد يعبر عن هذا الوجه بأنه يلزم امتناع قطع المسافة المعينة في زمان متناه وتقرر بأن عدم تناهي أجزاء المسافة يستلزم عدم تناهي أجزاء الحركة المنطبقة عليها وهو يستلزم عدم تناهي أجزاء الزمان المنطبق على الحركة الثالث أنه يستلزم امتناع لحوق السريع بالبطيء إذ ابتداء الحركة بعده لأنه إذا قطع جزأ فالبطيء أيضا قطع جزأ إذ لا أقل منه ضرورة ولا تخلل للسكنات بشهادة الحس والبرهان وإنما اعتبر البطيء دون الواقف مع أنه كذلك لأنه حينئذ يكون ذكر السرعة لغوا ويصير هذا بعينه طريق امتناع قطع المتحرك مسافة ما ووصوله إلى غاية ما ولا يخفى أن هذا الوجه جار فيما إذا كانت الأجزاء متناهية وأن الوجوه الثلاثة إنما تنتهض على من يقول بلاتناهي الأجزاء في كل امتداد يفرض في الجسم وفيما بين كل طرفين من أطرافه وجهتين من جهاته وأما على القول بلاتناهيها في مجموع الامتدادات وفيما بين جميع الأطراف والجهات فلا إلا إذا بين تناهي عدد الامتدادات الرابع أنا نفرض اجتماع ثمانية من الأجزاء بحيث يصير المركب منها طويلا عريضا عميقا منقسما في الأقطار الثلاثة متقاطعا امتداداته على الزوايا القائمة فبالضرورة يكون جسما مع تناهي أجزائه ثم إذا حاولنا بيان تناهي أجزاء كل جسم متناهي المقدار اعتبرنا نسبة حجمه إلى حجمه فكانت نسبة متناه إلى متناه لأن نسبة الحجم إلى الحجم نسبة الأجزاء إلى الأجزاء إذ بحسبها يكون الحجم والمقدار ازديادا وانتقاصا فلو كانت الأجزاء غير متناهية كانت نسبة المتناهي إلى المتناهي نسبة المتناهي إلى غير المتناهي وهو محال فإن قيل مذهب النظام أن الجوهر الفرد يمتنع وجوده على الانفراد وإنما يكون في ضمن الجسم وكل جسم فمن جواهر غير متناهية قلنا نفرض الكلام في ثمانية أجزاء من الجسم الخامس أنه لو كان الحجم والمقدار بحسب الأجزاء فلو كانت الأجزاء غير متناهية لزم في كل جسم أن يكون غير متناهي الحجم والمقدار واللازم ظاهر البطلان والمشهور عن القائلين بلا تناهي الأجزاء في التفصي عن حديث زيادة الحجم ولحوق السريع البطيء أمران أحدهما القول بالتداخل وهو أن ينفذ أحد الجزئين في الآخر ويلاقيه بأسره بحيث يصير حيزاهما واحدا وحاصله منع زيادة الحجم بزيادة الأجزاء فلا يلزم من عدم تناهي الأجزاء أن يكون الحجم غير متناه ولا أن يكون بإزاء كل جزء من
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»