منه عضو واحد أو أعضاء معينة في زمان واحد وجاز أن لا يكون معتدل المزاج سوى التركيب بحيث يصدر عنه جميع الأفعال التي يتم بذلك العضو أو الأعضاء سليمة وأن لا يكون ليس كذلك فهناك واسطة وإن كان لا بد من أن يكون معتدل المزاج سوى التركيب أو لا يكون معتدل المزاج سوى التركيب إما لثبوت أحدهما دون الآخر أو لانتفائهما جميعا فليس بينهما واسطة هذا كلامه وقد اعتبر في المرض أن لا يكون جميع أفعال العضو سليمة إما لكونه عبارة عن عدم الصحة التي هي مبدأ سلامة جميع الأفعال أو عن هيئة بها يكون شيء من الأفعال مألوفا ولا خفاء في انتفاء الواسطة ح وأما إذا اعتبر في المرض أن يكون جميع الأفعال غير سليمة بأن يجعل عبارة عن هيئة بها يكون جميع أفعال العضو أعني الطبيعية والحيوانية والنفسانية مألوفة فلا خفاء في ثبوت الواسطة بأن يكون بعض أفعال العضو سليما دون البعض وإن اعتبر آفة أفعال جميع الأعضاء فثبوت الواسطة أظهر وعلى هذا يكون الاختلاف مبنيا على الاختلاف في تفسير المرض وكلام الإمام مشعر بابتنائه على الاختلاف في تفسيرهما حيث قال يشبه أن يكون النزاع لفظيا فمن نفى الواسطة أراد بالصحة كون العضو الواحد أو الأعضاء الكثيرة في الوقت الواحد أو في الأوقات الكثيرة بحيث يصدر عنه الأفعال سليمة وبالمرض أن لا يكون كذلك ومن أثبتها أراد بالصحة كون كل الأعضاء بحيث تكون أفعالها سليمة وبالمرض كون كل الأعضاء بحيث تكون أفعالها مألوفة وفي كلام ابن سينا ما يشعر بابتنائه على الاختلاف في تفسير الصحة حيث ذكر في أول القانون أنه لا تثبت الحالة الثالثة إلا أن يجدوا الصحة كما يشتهون ويشترطون شروطا ما بهم إليها حاجة وذلك مثل اشتراط سلامة جميع الأفعال لتخرج صحة من يصدر عنه بعض الأفعال سليما دون البعض ومن كل عضو لتخرج صحة من بعض أعضائه صحيح دون البعض وفي كل وقت لتخرج صحة من يصح شتاء ويمرض صيفا ومن غير استعداد قريب لزوالها لتخرج صحة المشايخ والأطفال والناقهين (قال ومنها الفرح) قد تعرض للنفس كيفيات تابعة لانفعالات تحدث فيها لما يرتسم في بعض قواها من النافع والضار كالفرح وهو كيفية نفسانية تتبعها حركة الروح إلى خارج البدن طلبا للوصول إلى الملذ والغم وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل خوفا من موذ واقع والغضب وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الخارج طلبا للانتقام والفزع وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل هربا من المؤذي واقعا كان أو متخيلا والحزن وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل قليلا قليلا والهم وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل والخارج لحدوث أمر يتصور منه خير يقع أو شر ينتظر فهو مركب من رجاء وخوف فأيهما غلب على الفكر تحركت النفس إلى جهته فللخير المتوقع إلى الخارج وللشر المنتظر إلى الداخل فلذلك قيل أنه جهاد فكري والخجل وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل والخارج لأنه كالمركب
(٢٥١)