الحيز سواء قيد بالمسبوقية بالحصول في حيز آخر أو بعدم المسبوقية بالحصول في ذلك الحيز أو لم يقيد بشيء أصلا فهو واحد لا مجموع قلنا مرادهم أن الحركة مجموع الحصولين في الحيزين على ما يفصح عنه قولهم أنها مجموع سكنات لا مجرد الحصول في الحيز الثاني المقيد بالحصول في حيز سابق على ما يفهم من ظاهر العبارة وهذا لا يتأتى إلا على تقدير أن يشترط في الحركة الحصول في حيز سابق وتوجيه اعتراض الآمدي حينئذ أنه لو تماثل الحصول الأول والثاني في حيز واحد لكان الحصول الثاني في الحيز الثاني جزءا من الحركة كالأول (قال والتحقيق) سيجيء في طريق الفلاسفة أنه قد يراد بالحركة كون المتحرك متوسطا بين المبدأ والمنتهى بحيث يكون حاله في كل آن على خلاف ما قبله وما بعده قد يراد بها الأمر الموهوم الممتد من المبدأ إلى المنتهي والمتكلمون بالنظر إلى الأول قالوا أنها الحصول في الحيز بعد الحصول في حيز آخر وبالنظر إلى الثاني أنها حصولات متعاقبة في إحياز متلاصقة ويسمى بالإضافة إلى الحيز السابق خروجا وإلى اللاحق دخولا ثم منهم من سمى مثل هذا الحصول سكونا من غير أن يعتبر في مسماه اللبث والحصول بعد الحصول في حيز واحد وكانت الحركة بالمعنى الأول سكونا وبالمعنى الثاني مجموع سكنات وكان الحصول في أول زمان الحدوث سكونا ومنهم من اعتبر ذلك وفسر السكون بالحصول في حيز بعد الحصول فيه فلم تكن الحركة ولا أجزاؤها ولا الحصول في آن الحدوث سكونا ثم ظاهر العبارة أن السكون هو الحصول الثاني من الحصولين في حيز واحد لكن الأقرب أن المراد أنه مجموع الحصولين كما قد يحمل قولهم الحركة حصول في الحيز بعد الحصول في حيز آخر على أنها مجموع الحصولين قال ثم الحق يعني أن إطلاق الأنواع على الأكوان الأربعة مجاز لأن حقيقة الكون أعني الحصول في الحيز واحدة والأمور المميزة حيثيات وعوارض تختلف باختلاف الإضافات والاعتبارات لا فصول منوعة بل ربما لا يوجب تعدد الأشخاص فإن الكون المشخص قد يكون اجتماعا بالنسبة إلى جوهر وافتراقا بالنسبة إلى آخر وحركة أو سكونا من جهة كونه مسبوقا بحصول في حيز آخر أو في ذلك الحيز بل حركة وسكونا إذا لم يشترط في السكون اللبث فإن قيل كيف يصح ذلك والمحققون من المتكلمين كالقاضي وأشياعه قد أطلقوا القول بتضاد الأكوان الأربعة قلنا مرادهم الأكوان المتمايزة في الوجود ومعنى التضاد مجرد امتناع الاجتماع ولو من جهة التماثل لأنهم احتجوا على ذلك بأن الكونين إن أوجبا تخصيص الجوهر بحيز واحد فهما متماثلان فلا يجتمعان كالحصول الأول والثاني في حيز واحد لأن كلا منهما يسد مسد الآخر في تخصيص الجوهر بذلك الحيز وإن أوجب كل منهما تخصيصه بحيز آخر فمتضادان
(٢٥٧)