شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٥٦
آخر فحركة وإلا فسكون ويرد عليه السكون بعد الحركة حيث يصدق عليه أنه حصول مسبوق بالحصول في حيز آخر وإن كان مسبوقا بالحصول في ذلك الحيز أيضا فالأولى أن يقال أنه إن اتصل بحصول سابق في حيز آخر فحركة وإلا فسكون أو يقال أنه إن كان حصولا أول في حيز ثان فحركة وإلا فسكون فيدخل في السكون الكون في أول زمان الحدوث وتخرج الأكوان المتلاحقة في الأحيان الملاصقة أعني الأكوان التي هي أجزاء الحركة فلا تكون الحركة مجموع سكنات وذلك لأنه لا يلزم من عدم اعتبار اللبث في السكون أن يكون عبارة عن مجرد الحصول في الحيز من غير اعتبار قيد يميزه عن أجزاء الحركة اللهم إلا أن يبنى ذلك على أن الكون الأول في الحيز الثاني يماثل الكون الثاني فيه وهو سكون وفاقا فكذا الأول ويكون هذا إلزاما لمن يقول بتماثل الحصول الأول والثاني في الحيز الأول فكذا في الحيز الثاني فالتزم القاضي ذلك وذهب إلى أن الكون الأول في الحيز الثاني وهو الدخول فيه سكون وبنى على ذلك أن كل حركة سكون من حيث أنها دخول في حيز وليس كل سكون حركة كالكون الثاني فإن قيل الحركة ضد السكون فكيف تكون نفسه أو مركبة منه أجيب بأن التضاد ليس بين الحركة والسكون مطلقا بل بين الحركة من الحيز والسكون فيه وإما بين الحركة إلى الحيز والسكون فيه فلا تغاير فضلا عن التضاد لأنها عبارة عن الكون الأول فيه وهو يماثل الكون الثاني الذي هو سكون بالاتفاق واعترض الآمدي بمنع تماثل الحصولين واشتراكهما في كون كل منهما موجبا للاختصاص بذلك الحيز لا يوجب التماثل لأنا لانم أنه أخص صفاتهما النفسية كيف والحصول الأول في الحيز الثاني حركة وفاقا لكونه خروجا من الحيز الأول فلو كان مماثلا للحصول الثاني فيه لزم أن يكون هو أيضا حركة ولا قائل به فإن أجيب بأن عدم المسبوقية بالحصول في ذلك الحيز معتبر في الحركة فيصدق على الحصول الأول دون الثاني قلنا فكذا عدم الاتصال بالحصول في حيز آخر معتبر في السكون فيصدق على الحصول الثاني دون الأول وحاصله أن الكلام إلزامي لمن يقول بتماثل الحصولين وبأن كون الثاني سكونا يستلزم كون الأول كذلك وذكر في المواقف أنه إذا اعتبر في الحركة عدم المسبوقية بالحصول في ذلك الحيز لا المسبوقية بالحصول في حيز آخر بطل قولهم أن الحركة مجموع سكنات فإن أراد أن السكون الذي هو الحصول الثاني لا يكون حينئذ جزءا للحركة فلا يكون عبارة عن مجموع السكنات بل عن بعضها فغلط من باب إيهام العكس لأن معنى قولهم هي مجموع سكنات إن كل جزء لها سكون وهو لا يستلزم أن يكون كل سكون جزءا لها وإن أراد أن مجرد الحصول الأول في الحيز الأول يكون حينئذ حركة مع أنه ليس مجموع سكنات فله وجه فإن قيل هذا وارد على التقدير الآخر أيضا وهو أن يعتبر في الحركة المسبوقية بالحصول في حيز آخر لأن الحصول في هذا
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»