شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
وإن أنكروا وجود سائر الأعراض النسبية وقد حصروه في أربعة أنواع هي الاجتماع والافتراق والحركة والسكون لأن حصول الجوهر في الحيز أما أن يعتبر بالنسبة إلى جوهر آخر أولا وعلى الأول أما أن يكون بحيث يمكن أن يتوسطهما ثالث فهو الافتراق وإلا فالاجتماع واعتبر إمكان تخلل الثالث دون تحققه ليشمل افتراق الجوهرين بتخلل الخلاء فإنه لا ثالث بينهما بالفعل بل بالإمكان وعلى الثاني أن كان مسبوقا بحصوله في حيز آخر فهو الحركة وإن كان مسبوقا بحصوله في ذلك الحيز فالسكون فيكون السكون حصولا ثانيا في حيز أول والحركة حصولا أول في حيز ثان وأولية الحيز في السكون قد لا يكون تحقيقا بل تقديرا كما في الساكن الذي لا يتحرك قطعا فلا يحصل في حيز ثان وكذا أولية الحصول في الحركة لجواز أن ينعدم المتحرك في آن انقطاع الحركة فلا يتحقق له حصول ثان فإن قيل إذا اعتبر في الحركة المسبوقية بالحصول في حيز آخر لم يكن الخروج من الحيز الأول حركة مع أنه حركة وفاقا قلنا إنما يلزم ذلك لو لم يكن الخروج من الحيز الأول نفس الحصول الأول في الحيز الثاني على ما صرح به الآمدي وتحقيقه أن الحصول الأول في الحيز الثاني من حيث الإضافة إليه دخول وحركة إليه ومن حيث الإضافة إلى الحيز الأول خروج وحركة منه ثم الاجتماع لا يتصور إلا على وجه واحد والافتراق يتصور على وجوه متفاوتة في القرب والبعد حتى ينتهي غاية القرب إلى المجاوة التي هي الاجتماع ومن أسمائها المماسة أيضا على ما يراه الأستاذ أبو إسحق وهو أقرب إلى الصواب مما ذكره الشيخ والمعتزلة من أن المماسة غير المجاورة بل هي أمر يتبعها ويحدث عقيبها وظاهر عبارة المواقف يشعر بأن المجاورة افتراق حيث قال الافتراق مختلف فيه قرب وبعد متفاوت ومجاورة (قال وقيامه بواحد) قد يتوهم أن اجتماع الجوهرين عرض قائم بهما فيلزم قيام العرض الواحد بمحلين فنفى ذلك بأن لكل من الجوهرين اجتماعا يقوم به مغايرا بالشخص للاجتماع القائم بالآخر (قال وأما الحصول) لإخفاء في أن قولهم حصول الجوهر في الحيز إذا لم يعتبر بالنسبة إلى جوهر آخر فإما أن يكون مسبوقا بحصوله في ذلك الحيز أو في حيز آخر ليس بحاصر لجواز أن لا يكون مسبوقا بحصول أصلا فلذا ذهب بعض المتكلمين إلى أن الأكوان لا تنحصر في الأربعة كما فرضنا إن الله تعالى خلق جوهرا فردا ولم يخلق معه جوهرا آخر فكونه في أول زمان الحدوث ليس بحركة ولا سكون ولا اجتماع ولا افتراق وأجاب القاضي وأبو هاشم بأنه سكون لكونه مماثلا للحصول الثاني في ذلك الحيز وهو سكون بالاتفاق واللبث أمر زائد على السكون غير مشروط فيه وإلى هذا يؤول ما قال الأستاذ أنه سكون في حكم الحركة حيث لم يكن مسبوقا بحصول آخر في ذلك الحيز وعلى هذا لا يتم ما ذكر في طريق الحصر بل طريقه أن يقال أنه إن كان مسبوقا بحصوله في حيز
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»