إلى البعض وإلى الأمور الخارجة ولا معنى لحركته في الوضع إلا تبدل ذلك على التدريج هذا ولكن يؤول الحاصل إلى أن الحركة الأينية للأجزاء الفرضية حركة وضعية بالإضافة إلى الكل (قال الثالثة الكم) الحركة في الكم تقع باعتبارين أحدهما النمو والذبول وثانيهما التخلخل والتكاثف ويقال في بيان ذلك أن الانتقال في الكم إما أن يكون من النقصان إلى الزيادة أو من الزيادة إلى النقصان والأول إما أن يكون بورود مادة يزيد في كمية الجسم وهو النمو أو بدونه وهو التخلخل كما في هواء باطن القارورة عند مصها والثاني إما أن يكون بنقصان جزء وهو الذبول كما في المدقوق أو بدونه وهو التكاثف كما في هواء باطن القارورة عند النفخ فيها ويتمسكون في إمكان التخلخل والتكاثف بأن الجسم مركب من الهيولي والصورة والهيولي لا مقدار لها في نفسها وإنما هي قابلة للمقادير المختلفة بحسب ما سبق من الأسباب المعدة فيجوز أن ينتقل من المقدار الصغير إلى الكبير وهو التخلخل وبالعكس وهو التكاثف وإنما بنوا ذلك على الهيولي لأنها عندهم محض قابل يتوارد عليه الصور والمقادير المختلفة من غير أن يقتضي معينا من ذلك بخلاف ما إذا جعل الجسم بسيطا واحدا متصلا في نفسه كما هو عند الحس فإنه ربما يختص كل جسم بمقدار معين لا ينتقل عنه وبهذا يندفع ما ذكره الإمام من أنه لا حاجة في ذلك إلى إثبات الهيولي بل يتأتى على رأي من يجعل المقدار زائدا على الجسم عرضا قائما به سواء كان هو بسيطا أو مركبا من الهيولي والصورة لأن نسبته إلى جميع المقادير على السوية كالهيولي ولأنه إذا كان بسيطا كان الجزء والكل متساويين في الطبيعة والحقيقة فجاز اتصاف كل منهما بمقدار الآخر مالم يمنع مانع وانتقال الجزء إلى مقدار الكل تخلخل وعكسه تكاثف نعم لا بد في ذلك من أن يصير الجزء منفصلا إذ مع كونه جزء يمتنع أن يكون على مقدار الكل ضرورة وإما الاعتراض بأنه لو جاز ذلك لجاز أن تصير القطرة على مقدار البحر وبالعكس فجوابه بعد تسليم استحالة ذلك أن انتقال الجسم عن مقداره يكون لا محالة بقاسر فجاز أن يكون للقسر حد معين لا يمكن تجاوزه كما جاز على القول بالهيولي أن يكون لكل مادة حظ من المقدار لا يتجاوزه وبالجملة فالمقصود بيان إمكان التخلخل والتكاثف وهو لا ينافي الامتناع في بعض الصور لمانع على أن اشتراط الانفصال في إمكان انتقال الجزء إلى مقدار الكل محل نظر دقيق وقد يستدل على الوقوع بأن الماء إذا تجمد يصغر مقداره وهو تكاثف والجمد إذا ذاب يعظم مقداره وهو تخلخل وبأن القارورة إذا مصت خرج منها هواء كثير فلو لم يتخلخل الباقي لزم الخلاء وإذا نفخت فيها دخلها هواء كثير فلو لم يتكاثف لزم التداخل أعني اشتغال حيز واحد بجسمين وهو ضروري الاستحالة (قال وقد يقال) يعني قد يراد بالتخلخل الانفشاش أي تباعد أجزاء الجسم بحيث تداخلها جسم غريب كالهواء وبالتكاثف الاندماج أي تقارب الأجزاء
(٢٦٢)