ضياء وإلا فعرضى كما للقمر ويسمى نورا أخذا من قوله تعالى * (هو الذي جعل الشمس ضياء) * أي ذات ضياء والقمر نورا أي ذا نور والعرضي إن كان حصوله من مقابلة المضي لذاته كضوء جرم القمر وضوء وجه الأرض المقابل للشمس فهو الضوء الأول وإن كان من مقابلة المضيء لغيره كضوء وجه الأرض قبل طلوع الشمس من مقابلة الهواء المقابل للشمس وكضوء داخل البيت الذي في الدار من مقابلة هواء الدار المضيء من مقابلة الهواء المقابل للشمس أو لهواء آخر يقابلها فهو الضوء الثاني والثالث وهلم جرا على اختلاف الوسائط بينه وبين المضيء بالذات إلى أن ينتهي الضوء بالكلية وينعدم وهو الظلمة أعني عدم الضوء عما من شأنه فهو عدم ملكة للضوء لا كيفية وجودية على ما ذهب إليه البعض وإلا لكان مانعا للجالس في الغار من إبصار من هو في هواء مضيء خارج الغار كما أنه مانع له من إبصار من هو في الغار وذلك للقطع بعدم الفرق في الحائل المانع من الإبصار بين أن يكون محيطا بالرأي وبالمرئي أو متوسطا بينهما وربما يمنع ذلك بأنه ليس بمانع بل إحاطة الضوء بالمرئي شرط للرؤية وهو منتف في الغار لكنه لا يتأتى على قولهم الظلمة كيفية مانعة من الإبصار تمسك القائلون بكونها وجودية بقوله تعالى * (وجعل الظلمات والنور) * فإن المجعول لا يكون إلا موجودا وأجيب بالمنع فإن الجاعل كما يجعل الوجود بجعل العدم الخاص كالعمى فإنما المنافي للمجعولية هو العدم الصرف (قال ولهم تردد) لا خلاف بين المحققين من الحكماء في إضاءة الهواء وإنما الخلاف في أن محل الضوء هو نفس الهواء الصرف أو ما يخالطه من الأجزاء البخارية أو الدخانية أو نحو ذلك احتج الأولون بما يشاهد من الهواء المضيء في أفق المشرق وقت الصباح وبأنه لو لم يكن مضيئا لوجب أن يرى بالنهار الكواكب التي في الجهة المخالفة للشمس إذ لا مانع سوى انفعال الحس عن ضوء أقوى وضعفهما ظاهر لأن الكلام في الهواء الصرف والأقرب ما ذكره الإمام وهو أن أضاءة الهواء لو كان بسبب مخالطة الأجزاء لكان الهواء كلما كان أصفى كان أقل ضوءا وكلما كان أكدر وأغلظ فأكثر والأمر بالعكس وفيه أيضا ضعف لجواز أن يكون الموجب مخالطة الأجزاء إلى حد مخصوص إذا تجاوزه أخذ الضوء في النقصان وحاصله أنه يجوز أن يضره الإفراط كما يضره التفريط تمسك الآخرون بأنه لو تكيف بالضوء لوجب أن يحس به مضيئا كالجدار واللازم باطل لأن الهواء غير مرئي ورد يمنع الملازمة إذ من شرائط الرؤية اللون ولا لون للهواء الصرف قال وأما الظل فهو ما يحصل أي الضوء الحاصل من الهواء المضيء بالمضيء بالذات كالشمس والنار أو بالغير كالقمر وقد يفسر بالضوء المستفاد والمضيء بالغير ولا خفاء في صدقه على الضوء الحاصل من مقابلة جرم القمر مع أنه ليس بظل وفاقا وما ذكر في المواقف من أن مراتب الظل تختلف قوة وضعفا بحسب اختلاف الأسباب والمعدات كما يشاهد في اختلاف ضوء البيت بحسب
(٢١٤)