شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢١٨
حجة على المناظر واستدل على بطلان توقف السماع على وصول الهواء الحامل بوجوه الأول أنه لو كان كذلك لما أدركنا جهة الصوت وحده من القرب والبعد لأن الواصل لا يكون إلا ما في الصماخ والجواب ما سبق من أن المدرك الموقوف إدراكه على وصول الهواء ليس هو القائم بالهواء الواصل فقط كما في اللمس بل البعيد أيضا كما في الإبصار.
الثاني أنا ندرك صوت المؤذن عند هبوب الرياح يميل عن جهتنا إلى خلافها والجواب أن ذلك إنما يكون عند إمكان الوصول في الجملة وإن لم يكن على وجهه ولذا لا يخلو عن تشويش السماع الثالث إنا نسمع صوت من يحول بيننا وبينه جدار صلب مع القطع بامتناع نفوذالهواء في المنافذ من غير أن يزول عنه ذلك الشكل الذي هو أضعف وأسرع زوالا من الرقم على الماء وقد صار مثلا في عدم البقاء وأجيب بأنه إذا لم يكن للحائل منافذ أصلا ولا يكون هناك طريق آخر للهواء فلا نسلم السماع إلا يرى أنه كلما كانت المنافذ أقل كان السماع أضعف وإما بقاء الشكل فإن أريد به حقيقة التشكل الذي يعرض للهواء فيصير سببا لحدوث الكيفية المخصوصة فلا حاجة لنا إلى بقائه لأنه من المعدات وإن أريد به تلك الكيفية المسببة عنه المسماة بالصوت والحرف فلا استحالة بل لا استبعاد في بقائه مع النفوذ في المضايق والحق أن قيام تلك الكيفية المخصوصة الغير القارة لكل جزء من أجزاء الهواء بدليل أن كل من في تلك المسافة يسمعها وبقاء أجزاء الهواء مع فرط لطافتها على تلك الهيئة والكيفية مع هبوب الرياح ومع النفوذ في منافذ الأجسام الصلبة مستبعد جدا وأبعد منه حديث الصدى وهو أن الهواء إذا تموج وقاومه جسم أملس كجبل أو جدار بحيث يرد ذلك المتموج إلى خلف على هيئته كما في الكرة المرمية إلى الحائط المقاوم لها حدث من ذلك صوت هو الصدى وترددوا في أن حدوثه من تموج الهواء الأول الراجع على هيئته أو من تموج هواء آخر بيننا وبين المقاوم متكيف بكيفية الهواء الراجع وهذا هو الأشبه وكيف ما كان فبقاء الهواء على كيفيته التي لا استقرار لها مع مصادمة الجسم الصلب ثم رجوعه على هيئته وإحداثه كيفية فيما يجاوره وزواله بمجرد الوصول إلى الصماخ من المستبعدات التي تكاد تلحق بالمحالات قال المبحث الثاني قد تعرض للصوت كيفية بها يتميز عن صوت آخر يماثله في الحدة والثقل تميزا في المسموع والحرف هي تلك الكيفية العارضة في عبارة ابن سينا وذلك الصوت المعروض في عبارة جمع من المحققين ومجموع العارض والمعروض في عبارة البعض وكأنه أشبه بالحق وقيد المماثلة بالحدة والثقل أي الزبرية والنمية احترازا عنهما فإن كلا منهما يفيد تميز صوت عن صوت آخر تميزا في المسموع لكن في صوتين يكونان مختلفين بالحدة والثقل ضرورة وقيد التمييز بالمسموع احترازا عن مثل الطول والقصر والطيب وغيره فإن التميز بها لا يكون تميزا في المسموع لأنها ليست بمسموعة إلا أن في كونها من الكيفيات نظرا فالأولى أنه اختراز عن مثل
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»