متماثلة فيمتنع اختلافها بالقبلية والبعدية الذاتيتين أو متخالفة فلا يكون الزمان متصلا وأنت خبير بأن قولهم لا بد في الخارج من أمر غير قار يحصل منه في العقل ذلك الامتداد مجرد ادعاء لجواز أن يحصل لا عن موجود أو عن موجود قار بحسب ما له من النسب والإضافات إلى المتغيرات على ما سيجيء وأما عن الثالث فبأن القطع بوجود امتداد به التقدم والتأخر ومنه الماضي والمستقبل على تقدير أن لا يكون فلك ولا حركة أصلا أو يكون له عدم سابق أو لاحق إنما هو من الأحكام الكاذبة للوهم كحكمه بأن خارج الفلك فضاء لا يتناهي وأعترض بأنا نجد القطع بهذا الامتداد في حالتي وجود الحركة وعدمها على السواء إن حقا فحق وإن وهما فوهم والتفرقة تحتاج إلى البرهان قال وذهب القدماء أي من الفلاسفة إلى أن الزمان جوهر مستقل أي قائم بنفسه غير مفتقر إلى محل يقومه أو حركة تفعله فمنهم من زعم أنه واجب الوجود إذ لا يمكن عدمه لا قبل الوجود ولا بعده لأن التقدم والتأخر بين الوجود والعدم لا يتصور إلا بزمان فإن كان عين الأول لزم وجود الشيء حال عدمه وإن كان غيره لزم تعدد الزمان بل تسلسله ورد بعد تسليم المقدمات بأن امتناع العدم قبل الوجود أو بعده لا ينافي الإمكان الذاتي بمعنى جواز العدم في الجملة ومنهم من اعترف بإمكانه وإليه ذهب أفلاطون واتباعه وعمدتهم التعويل على الضرورة بمعنى أنا قاطعون بوجود أمر به التقدم والتأخر ومنه الماضي والمستقبل سواء وجد جسم وحركة أو لا حتى لو فرضنا أن الفلك كان معدوما فوجد ثم فني كنا قاطعين بوجود ذلك الأمر وبتقدم عدم الفلك على وجوده بمعنى كونه في زمان سابق ماض والوجود في زمان لاحق حاضر والفناء في زمان آخر مستقبل فلا يكون فلكا ولا حركة ولا شيئا من عوارضها بل جوهرا أزليا يتبدل ويتغير ويتجدد ويتصرم بحسب النسب والإضافات إلى المتغيرات لا بحسب الحقيقة والذات ثم أنها باعتبار نسبة ذاته إلى الأمور الثابتة يسمى سرمدا وإلى ما قبل المتغيرات دهرا وإلى مقارنتها زمانا ولما لم يثبت امتناع عدمه في نفسه لم يحكم بوجوبه وأنت خبير بحال دعوى الضرورة في مثل هذا المتنازع الهائل الذي لا يرجى فيه تقرر الآراء على شيء قال المبحث الثالث في المكان لا خفاء في آنية شيء ينتقل الجسم عنه ويسكن فيه أو لا يسع معه غيره وهو المسمى بالمكان والمعتبر من المذاهب أن ماهيته السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي وإليه ذهب أرسطو وأشياعه من المشائيين أو البعد الذي ينفذ فيه بعد الجسم ويتحد به وإليه ذهب كثير من الفلاسفة والمتكلمون فزعموا أن من البعد ما هو مادي يحل في الجسم ويقوم به ويمتنع اجتماعه مع بعد آخر مماثل له قائم بذلك الجسم وهو المسمى بالجسم التعليمي ومنه ما هو مفارق لا يقوم بمحل بل يحل فيه الجسم ويلاقيه بجملته ويجامعه بعد الجسم منطبقا عليه متحدا به إلا أنه عند المتكلمين عدم محض ونفي صرف يمكن أن لا يشغله شاغل
(١٩٣)