شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٩٢
الدهر ومع الأشياء الثابتة هو السرمد والدهر في ذاته من السرمد وهو بالقياس إلى الزمان دهر يعني أن الدهر في نفسه شيء ثابت إلا أنه إذا نسب إلى الزمان الذي هو متغير في ذاته سمي دهرا هذا ما وقع إلينا من شرح هذا الكلام والظاهر أنه ليس له معنى محصل على ما قال الإمام وأما عن الثاني فبأنا نختار أن الزمان مقدار للحركة بمعنى القطع وهي أمر غير قار يوجد منها جزء فجزء من غير أن يحصل جزآن دفعة وهذا معنى وجودها في الخارج وإنما الوهمي هو المجموع الممتد من المبدأ إلى المنتهى فكذا مقدارها الذي هو الزمان يكون بحسب المجموع وهميا لا يوجد منه جزآن دفعة بل لا يزال يتجدد ويتصرم ويوجد منه شيء فشئ وهذا ما يقال أن هناك أمرا غير منقسم بفعل بسيلانه الزمان كما أن في الحركة معنى هو الكون في الوسط يفعل بسيلانه الحركة بمعنى القطع وأعترض بأن هذا قول بتتالي الآنات لأن ذلك الأمر الغير المنقسم ليس غير الآن وأجيب بأنه لا أجزاء هناك بالفعل لأن الزمان كمية متصلة يعرض لها التجزي والانقسام بحسب الفرض والوهم دون الخارج فورد الإشكال بأنه لا وجود للزمان حينئذ لأن نفس الامتداد موهوم والجزء معدوم فماذا يوجد منه وهذا بخلاف المسافة فإن أجزاءها وإن لم تكن بالفعل إلا أن المجموع المتصل الذي يتجزأ في الوهم موجود في الخارج وبخلاف الحركة فإنه يوجد منها أمر مستمر هو الكون في الوسط من غير لزوم محال وأجيب بأن المراد أن في العقل امتدادا لا وجود له في الخارج لكنه بحيث لو فرض وجوده وتجزيه عرضت لأجزائه المفروضة قبليات وبعديات متجددة متصرفة ولا يكون الامتداد في العقل كذلك إلا إذا كان في الخارج شيء غير قار يحصل في العقل بحسب استمراره وعدم استقراره ذلك الامتداد الذي إذا فرض تجزيه كان لحوق التقدم والتأخر لأجزائه المفروضة لذاتها من غير اقتضاء زمان آخر وكذا معيته للحركة وإذ لا وجود للجزئين معا إلا في العقل لزم كون القبلية والبعدية العارضتين لهما كذلك ولهذا يعرضان للعدد كيف ولو وجدتا في الخارج وهما متضايفان لزم وجود معروضيهما معافى الخارج ويلزم كون الزمان قار الذات وما يقال من أن الموجود في الخارج من الزمان معروض للقبلية والبعدية فمجاز والمراد أنه متعلق بهما بمعنى أنهما بسببه يعرضان للأجزاء المفروضة للزمان المعقول هذا غاية تحقيقهم في هذا المقام دفعا للإشكالات الموردة من قبل الإمام مثل أن قبلية عدم الحادث على وجوده لو اقتضت زمانا لكانت قبلية الأمس على الغدو معية الحركة للزمان كذلك وأن القبلية والبعدية لو وجدنا لامتنع اتصاف العدم بهما ولكان وجودهما بالزمان وتسلسل وللزم وجود معروضيهما معا ضرورة كونهما متضايفين فيكون الزمان قار الذات لاجتماع أجزائه المفروضة للقبلية والبعدية ولو كانتا من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الأعيان لم يلزم وجود معروضيهما في الخارج فلم تدل على وجود الزمان وأن أجزاء الزمان إما أن تكون
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»