ذهب البعض إلى أن الحركة خارجة عن المقولات قال وأما مثل الوحدة والنقطة لما حصروا المقولات في العشر المذكورة بمعنى أن شيئا من الماهيات الممكنة التي تحيط بها العقول لا يخرج عنها بل يكون نفس إحداهما أو مندرجا تحتها ورد الإشكال بالوحدة والنقطة فأجيب بوجوه (1) أنهما من الأمور العدمية كالعمى والجهل والحصر إنما هو للأمور الوجودية واعترض بأنه لو سلم ذلك في الوحدة فالنقطة وجودية لكونها ذات وضع على ما مر (2) أنهما من مقولة الكيف لأنها عرض لا يقتضي قسمة ولا نسبة وهذا صادق عليها واعترض بأنهم حصروا الكيف في أقسام أربعة هما خارجتان عنها (3) التزام أنهما خارجتان عن المقولات العشرة ولا يقدح ذلك في الحصر لأن معناه أن الأجناس العالية لما تحيط به عقولنا من الماهيات المندرجة تحت الجنس هي هذه العشرة وهذا لا ينافي وجود شيء لا يكون جنسا عاليا ولا مندرجا تحت جنس عال والإشكال إنما يرد لو ثبت كون كل من الوحدة والنقطة جنسا عاليا أو تحت جنس آخر وبهذا يندفع ما قال الإمام لا بد في تمام الجواب من إقامة البرهان على أنهما من الطبايع النوعية دون الجنسية (قال وكذا الوجود والوجوب والإمكان ونحوها) يعني أنها خارجة عن المقولات العشرة أما الوجود فلأنه ليس بجوهر وهو ظاهر ولا عرض لأن من شأن العرض تقومه بالموضوع دون العكس ومن المحال تقوم الشيء بدون الوجود وأما مثل الوجوب والإمكان فلأنه ليس من الكيف لما فيه من معنى النسبة ولا من غيره وهو ظاهر ومع ذلك فلا يقدح في الحصر لأنها ليست أجناسا عالية وهذا ما قال ابن سينا وأشياعه أن المعاني المعقولة التي هي أعم من هذه المقولات لازمة لأكثر الماهيات كالوجود والوجوب والإمكان والمعاني التي هي مبادي كالوحدة والنقطة والآن فإنما هي أنواع حقيقية غير مندرجة تحت جنس فلا يقدح فيما ذكرنا من الحصر فإن قيل الحصر إنما هو للحقايق الخارجية وهذه اعتبارات عقلية فلا حاجة إلى ما ذكرتم قلنا كثير من المقولات ليست أعيانا خارجية كالإضافة وأن يفعل وأن ينفعل قال وأما صفات الباري يعني أنها لا تقدح في الحصر وإن كانت ممكنة غير داخلة تحت شيء من المقولات العشر إجماعا أما عند الفلاسفة فلأنهم لا يثبتونها وأما عندنا فلأن المنقسم إلى الجوهر والعرض هو الحادث والصفات قديمة غاية الأمر أنه يلزمنا قديم ليس بواجب لذاته ولا جوهر ولا عرض ولا إشكال فيه (قال المبحث الثاني) قد يكون من الضروريات ما يشتبه على بعض الأذهان فيورد في المطالب العلمية ويذكر في معرض الاستدلال ما ينبه على مكان الضرورة أو يفيد ببيان الكمية كامتناع قيام العرض بأكثر من محل واحد فإن الضرورة قاضية بأن العرض القائم بهذا المحل يمتنع أن يكون هو
(١٧٦)