أو المنتقل إليه وهو باطل لأن هذا استقرار وثبات قبل الانتقال أو بعده لا انتقال أو في محل آخر ضرورة امتناع كون العرض لا في محل فينقل الكلام إلى انتقاله إلى هذا المحل ويعود المحذور ورد أولا بالنقض بانتقال الجسم من حيز إلى حيز فإنه حالة الانتقال إما أن يكون في الحيز المنتقل عنه أو المنتقل إليه أو غيرهما والكل باطل لما ذكرتم فما هو جوابكم فهو جوابنا وثانيا بأنا نختار أنه في حيز ثالث هو بعض من المنتقل عنه وبعض من المنتقل إليه وهكذا حالة الانتقال إلى هذا المحل وإلى ما بينهما إلى مالا يتناهى أو ينتهي إلى جزء لا يتجزأ غاية الأمر أنه يمتنع انتقال العرض الذي يكون في الجوهر الفرد (قال المبحث الرابع) جمهور المتكلمين على أنه يمتنع قيام العرض بالعرض تمسكا بوجهين الأول أن معنى قيام العرض بالمحل أنه تابع له في التحيز فما يقوم به العرض يجب أن يكون متحيزا بالذات ليصح كون الشيء تبعا له في التحيز والمتحيز بالذات ليس إلا الجوهر الثاني أنه لوقام عرض بعرض فلا بد بالآخرة من جوهر تنتهي إليه سلسلة الأعراض ضرورة امتناع قيام العرض بنفسه وحينئذ فقيام بعض الأعراض بالبعض ليس أولى من قيام الكل بذلك الجوهر بل هذا أولى لأن القائم بنفسه أحق بأن يكون محلا مقوما للحال ولأن الكل في حيز ذلك الجوهر تبعا له وهو معنى القيام واعترض على الوجهين بأنا لا نسلم أن معنى قيام الشيء بالشيء التبعية في التحيز بل معناه اختصاص الشيء بالشيء بحيث يصير نعتا له وهو منعوتا به كاختصاص البياض بالجسم لا الجسم بالمكان والقيام بهذا المعنى لا يختص بالمتحيز كما في صفات الله تعالى عند المتكلمين وصفات الجواهر المجردة عند الفلاسفة فضلا عن أن يختص بالمتحيز لا بالتبعية ثم انتهاء قيام العرض إلى الجوهر مما لا نزاع فيه إلا أنه لا يوجب قيام الكل به لجواز أن يكون الاختصاص الناعت فيما بين بعض الأعراض بأن يكون عرض نعتا لعرض لا للجوهر الذي إليه الانتهاء كالسرعة للحركة والملاسة للسطح والاستقامة للخط فإن المنعوت حقيقة بهذه الأعراض هي تلك لا الجسم فلهذا جوزت الفلاسفة قيام العرض بالعرض وزعموا أن النقطة عرض قائم بالخط والخط بالسطح بمعنى أن ذا النقطة هو الخط وذا الخط هو السطح لا الجسم ومن القائلين بجواز قيام العرض بالعرض من بالغ في ذلك وتمادى في الباطل حتى زعم أن كلا من الوحدة والوجود عرض قائم بمحله فوحدة العرض ووجوده يكون من قيام العرض بالعرض وأجاب المتكلمون بأن مثل النقطة والخط عدمي ولو سلم فمن الجواهر لا الأعراض على ما سيجيء ومثل الملاسة والاستقامة على تقدير كونه وجوديا إنما يقوم بالجسم وبأن السرعة أو البطء ليس عرضا زائدا على الحركة قائما بها بل الحركة أمر ممتد يتخلله سكنات أقل أو أكثر باعتبارها تسمى سريعة أو بطيئة ولو سلم أن البطء ليس لتخلل السكنات فطبقات الحركات أنواع مختلفة والسرعة والبطء عائدا إلى الذاتيات دون العرضيات أو هما من الاعتبارات اللاحقة للحركة بحسب الإضافة إلى حركة أخرى تقطع المسافة المعينة في زمان أقل
(١٧٩)