شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١١٩
القضية سواء طابقت المادة بأن تكون نفسها كقولنا الإنسان حيوان بالوجوب وحينئذ تصدق القضية أو لم تطابقها بأن تكون أعم منها أو أخص أو مباينا و ح قد تصدق القضية كقولنا الإنسان حيوان بالإمكان العام وقد تكذب كقولنا الإنسان حيوان بالإمكان الخاص وإنما لم يقتصروا على المواد بل تجاوزوا إلى الجهات بما لها من التفاصيل لأن الغرض من معرفة القضايا تركيب الأقيسة لاستخراج النتائج وهي لا تحصل من المقدمات بحسب موادها الثابتة في نفس الأمر بل بحسب جهاتها المعتبرة عند العقل ثم كلامهم متردد في أن المعتبر في المادة هو الربط الإيجابي حتى تكون مادة نسبة الحيوان إلى الإنسان هو الوجوب سواء قلنا الإنسان حيوان أوليس بحيوان أو أعم من الإيجابي والسلبي حتى تكون المادة في قولنا الإنسان حيوان هو الوجوب وفي قولنا الإنسان ليس بحيوان هو الامتناع والأظهر الأول ثم المحققون على أن في كل قضية الوجود واللاوجود رابطة والوجوب والامتناع والإمكان جهة سواء صرح بها أو لم يصرح وسواء كان المحمول أحد هذه الأمور أو غيرها حتى أن قولنا الباري تعالى واجب وموجود في معنى يوجد واجبا ويوجد موجودا وقولنا اجتماع النقيضين ممتنع ومعدوم في معنى يوجد ممتنعا ومعدوما أو لا يوجد ممكنا وموجودا وقولنا الإنسان ممكن وموجود في معنى يوجد ممكنا وموجودا فإذا كان المحمول أحد هذه الأمور تتعدد الاعتبارات أي يعتبر وجود هو المحمول وآخر هو الرابطة ووجوب أو امتناع أو إمكان هو المحمول وآخر هو الجهة وتكون نسبة كل من الوجوب والامتناع والإمكان إلى موضوعاتها بالوجوب إذا أخذت ذاتية وإذا أخذ الوجوب والامتناع غير بين فبالإمكان وممكن الوجود لغيره يجب أن يكون ممكن الوجود في نفسه وممكن الوجود في نفسه قد يجب وجوده للغير كلوازم الماهية وقد يمتنع كالذوات المستقلة وقد يمكن كسواد الجسم وهذا معنى قولنا كل ممكن الوجود لغيره ممكن الوجود في نفسه من غير عكس قال المبحث الرابع لا خفاء في أن امتناع اعتبار عقلي وكذاالوجوب والإمكان عند المحققين لأن الوجوب مثلا لو كان موجودا لكان واجبا ضرورة أنه لو كان ممكنا لكان جائز الزوال نظرا إلى ذاته فلم يبق الواجب واجبا وهو محال لما سبق من امتناع الانقلاب والواجب ما له الوجوب فينقل الكلام إلى وجوبه ويلزم التسلسل في الأمور المرتبة الموجودة معا وهو محال وكذا الإمكان ولما كان هذا الدليل بعينه جاريا في الوجود والبقاء والقدم والحدوث والوحدة والكثرة والتعين والموصوفية واللزوم ونحو ذلك جعله صاحب التلويحات قانونا في ذلك فقال كل ما يكون نوعه متسلسلا ومترادفا أي كل ما يتكرر نوعه بحيث يكون أي فرد يفرض منه موصوفا بذلك النوع فيكون مفهومه تارة تمام حقيقته
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»