شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١١٥
الوجود والإمكان جواز الوجود والعدم أو عدم ضرورتهما أو عدم اقتضاء شيء منهما ولهذا لا يتحاشى عن أن يقال الواجب ما يمتنع عدمه أو ما لا يمكن عدمه والممتنع ما يجب عدمه أو مالا يمكن وجوده والممكن مالا يجب وجوده ولا عدمه أو ما لا يمتنع وجوده ولا عدمه ولو كان القصد إلى إفادة تصور هذه المعاني لكان دورا ظهر أو ظهر هذه المفهومات الوجود لكونه تأكد الوجود الذي هو أعرف من العدم لما أنه يعرف بذاته والعدم يعرف بوجه ما بالوجود والنزاع في أن مفهوم الوجوب والإمكان وجودي أو عدمي مبني على اختلاف مفهومات الخواص التي باعتبارها يطلقان على الواجب والممكن وأما في الواجب فكاقتضاء الوجود بحسب الذات والاستغناء عن الغير وعدم التوقف عليه وما به يمتاز الواجب عن الممكن والممتنع وأما في الممكن فكالاحتياج إلى الغير والتوقف عليه وعدم الاستغناء عنه وعدم اقتضاء الوجود أو العدم أو ما به يمتاز الممكن عن الواجب والممتنع قال المبحث الثاني كل من الوجوب والامتناع قد يكون بالذات وقد يكون بالغير لأن ضرورة وجود الشيء أو لا وجوده في نفسه أو ضرورة وجود شيء لشيء آخر أو لا وجوده له إن كانت بالنظر إلى ذاته كوجود الباري وعدم اجتماع النقيضين ووجود الزوجية للأربعة وعدم الفردية لها فذاتي وإلا فغيري وهو وإن لم ينفك عن علة لكن قد ينظر إلى خصوص العلة كوجوب الحركة للحجر المرمي وامتناع السكون له وقد ينظر إلى وصف لذات الموضوع كوجوب حركة الأصابع للكاتب وامتناع سكونها له وقد ينظرإلى وقت له كوجوب الانخساف للقمر في وقت المقابلة المخصوصة وامتناعه في وقت التربيع وقد ينظر إلى ثبوت المحمول له كوجود الحركة للجسم المأخوذ بشرط كونه متحركا وامتناع السكون له حينئذ قال والموصوف بالذاتي يعني إذا أخذ الوجود محمولا فالموصوف بالوجوب الذاتي يكون واجب الوجود لذاته كالباري تعالى وبالامتناع الذاتي يكون ممتنع الوجود لذاته كاجتماع النقيضين وإذا أخذ رابطة بين الموضوع والمحمول فالموصوف بالوجوب الذاتي يكون واجب الوجود لموضوعه نظرا إلى ذات الموضوع كالزوجية للأربعة وبالامتناع الذاتي يكون ممتنع الوجود له نظرا إليه كالفردية للأربعة فلازم الماهية كالزوجية مثلا واجب الوجود لذاتها أي واجب الثبوت للماهية نظرا إلى نفسها لا واجب الوجود لذاته بمعنى اقتضائه الوجود بالذات ليلزم الحال وبهذا يسقط ما ذكر في المواقف من أن الوجوب والإمكان والامتناع المبحوث عنها ههنا غير الوجوب والإمكان والامتناع التي هي جهات القضايا وموادها وإلا لكانت لوازم الماهيات واجبة لذاتها وذلك لأنه إن أراد كونها واجبة لذات اللوازم فالملازمة ممنوعة أو لذات الماهيات فبطلان التالي ممنوع فإن معناه أنها واجبة الثبوت للماهية نظرا إلى ذاتها من غير احتياج إلى أمر آخر وكأنه يجعل بعض القضايا خلوا
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»