شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١١٤
إلى ماهياتها فينحصر كل في شخص لا إلى مجرد الإضافة كعقل الفلك الأول مثلا على ما قيل لأن هذه الإضافة متأخرة عن وجود الفلك المتأخر عن وجود العقل وتعينه والاستناد إلى المادة أعم من أن يكون بنفسها أو بواسطة ما فيها من الأعراض فلا يرد ما قيل أن غير المنفصل لا ينحصر فيما يكون حالا في الشخص أو محلا له لجواز أن يكون حالا في محله ولما اعترض بأن المادة التي يستند إليها الشخص تكون متشخصة لا محالة فتشخصها إما لماهيتها فلا تتعدد أفرادها أو للتشخص المعلول فيدور أو لمادة أخرى فيتسلسل أجيب بأنه لما فيها من الكميات والكيفيات والأوضاع وغير ذلك من الأعراض التي تتعاقب عليها بتعاقب الاستعدادات حتى لو ذهبت إلى غير النهاية لم يمتنع على ما هو رأيهم فيما لا يجتمع في الوجود كالحركات والأوضاع الفلكية وإذا استند التشخص إلى المادة تكثرت أفراد الماهية بتكثر المواد والمادة قابلة للتكثر بذاتها فلا تفتقر إلى قابل آخر وإنما تفتقر إلى فاعل يكثرها واعترض على ما ذكروا بعد تسليم مقدماته بأن تعين الأعراض الحالة التي في المادة إنما هو بتعين المادة على ما سيجيء فلو تعينت المادة بها كان دورا وأجيب بأن تعين المادة إنما هو بنفس الأعراض الحالة في المادة المعينة بتعين مالا بتعيناتها الحاصلة بتعين المادة وحاصله أن تعيناتها بتعينها وتعينها مع تعيناتها فلا يلزم الدور ولا حصول التشخص من انضمام الكلي إلى الكلي إلا أنه يرد عليه أنه إذا جاز ذلك فلم لا يجوز تكثر الماهية وتعين أفرادها بما لها من الصفات المتكثرة العارضة لها من غير لزوم مادة قال المنهج الثاني في الوجوب والامتناع والإمكان جعل الامتناع من لواحق الوجود والماهية نظرا إلى أن ضرورة سلب الوجود عن الماهية حال لهما أو إلى أنه من أوصاف الماهية المعقولة أو لكونه في مقابلة الإمكان أو لأن المراد بلواحقهما ما جرت العادة بالبحث عنه بعد البحث عنهما المبحث الأول قد تقرر في موضعه أن هل إما بسيطة يطلب بها وجود الشيء في نفسه أو مركبة يطلب بها وجود شيء لشيء فإذا نسب المفهوم إلى وجوده في نفسه أو وجوده لأمر حصل في العقل معان هي الوجوب والامتناع والإمكان لأن حمل الوجود على الشيء أو ربط الشيء بالشيء بواسطته قد يجب كما في قولنا الباري تعالى موجود والأربعة يوجد لها لزوجية وقد يمتنع كما في قولنا اجتماع النقيضين موجود والأربعة يوجد لها الفردية وقد يمكن كما في قولنا الإنسان موجود أو يوجد له الكتابة ولا خفاء في حصولها عند حمل العدم أو الربط بواسطته لكنه مندرج فيما ذكرنا من حمل الوجود أو الربط بواسطته لكونه أعم من الإيجابي والسلبي وتصورات هذه المعاني ضرورية حاصلة لمن لم يمارس طرق الاكتساب إلا أنها قد تعرف تعريفات لفظية كالوجود والعدم فيقال الوجوب ضرورة الوجود أو اقتضاؤه أو استحالة العدم والامتناع ضرورة العدم أو اقتضاؤه أو استحالة
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»