شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٢٣
ومحمول يصدق بينهما الإيجاب الضروري يصدق بينهما الإيجاب الدائمي وليس كل موضوع ومحمول يصدق بينهما الإيجاب الدائمي يصدق بينهما الإيجاب الضروري الثالث لو كان الوجوب والإمكان عدميين لا تحقق لهما إلا بحسب العقل لزم أن لا يكون الواجب واجبا والممكن ممكنا إلا عند فرض العقل واعتباره وصفي الوجود والإمكان لأن ما لا تحقق له إلا باعتبار العقل لا يقع وصفا للشيء إلا باعتباره واللازم باطل للقطع بأن الواجب واجب والممكن ممكن سواء وجد فرض العقل أو لم يوجد والجواب أنا لا نسلم الملازمة لجواز أن يكون المحمول مما لا تحقق له إلا في العقل ويكون صدقه على الموضوع دائما بل ضروريا في نفس الأمر كقولنا اجتماع النقيضين معدوم وممتنع فإن هذا الحكم ضروري صادق في نفس الأمر مع أنه لا تحقق للعدم والامتناع إلا بحسب العقل فكذا ههنا الوجوب والإمكان عدميان والحكم بأن الشيء واجب أو ممكن ضروري بمعنى أنه في نفس الأمر بحيث إذا نسبه العقل إلى الوجود حصل معقول هو الوجوب أو الإمكان الرابع أنهما لو كانا عدميين لزم سلب الوجوب عن الواجب والإمكان عن الممكن بحسب الخارج سواء وجد اعتبار العقل أو لم يوجد لأن العدم في نفسه عدم بالنسبة إلى كل شيء وهذا معنى قولهم إمكانه لا في معنى لا إمكان له والجواب المنع فإن معنى قولنا إمكانه لا أن ذلك الوصف الصادق على الموضوع عدمي ومعنى لا إمكان له أنه لا يصدق عليه ذلك الوصف كما صدق العدم والامتناع فإن بنى ذلك على أنه لا تمايز في الإعدام أجيب بأن التمايز العقلي ضروري وهو كاف فإن قيل ثبوت الشيء للشيء فرع ثبوته في نفسه فما لا يكون ثابتا في نفسه لا يكون ثابتا لغيره قلنا نعم بمعنى حصوله للشيء في الخارج كبياض الجسم وأما بمعنى الحمل على الشيء والصدق عليه كما في قولنا زيد أعمى والعنقاء لا موجود واجتماع النقيضين ممتنع فلا فإن الأوصاف الصادقة على الشيء بعضها ثبوتية وبعضها سلبية قال المبحث الخامس من خواص الممكن أنه يحتاج في وجوده وعدمه إلى سبب وأنه لا يترجح أحد طرفيه إلا لمرجح ولتلازم هذين المعنيين بل لتقارب مفهوميهما جدا قد يجعل الثاني تفسيرا للأول والجمهور على أن هذا الحكم ضروري بعد تلخيص معنى الموضوع والمحمول من غير أن يفتقر إلى برهان فإن معنى الممكن مالا يقتضي ذاته وجوده ولا عدمه ومعنى الاحتياج أن كلا من وجوده وعدمه يكون لا لذاته بل لأمر خارج فإن قيل يحتمل أن لا يكون لذاته ولا لأمر خارج بل لمجرد الاتفاق قلنا هذا مما يظهر بطلانه بأدنى التفات ولهذا يحكم به من لا يتأتى منه النظر والاستدلال ثم اختلاف البعض في نفس الحكم أو في بداهته والتفاوت بينه وبين قولنا الواحد نصف الاثنين لا ينافي البداهة على ما سبق وأما ما ذهب إليه الكثيرون من أن الله تعالى خلق العالم في وقت دون سائرالأوقات من غير مرجح وخصص أفعال المكلفين بأحكام مخصوصة من غير أن يكون فيها ما يقتضي ذلك وأن قدرة القادر
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»