شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٣٠
ولم يقولوا بالصفات الزائدة القديمة إلا أن القائلين منهم بالحال اثبتوا لله تعالى أحوالا أربعة هي العالمية والقادرية والحيية والموجودية وزعموا أنها ثابتة في الأزل مع الذات وزاد أبو هاشم حالة خامسة علة للأربعة مميزة للذات هي الإلهية فلزمهم القول بتعدد القدماء وهذا تفصيل ما قال الإمام في المحصل أن المعتزلة وإن بالغوا في إنكار ثبوت القدماء لكنهم قالوا به في المعنى لأنهم قاولا الأحوال الخمسة المذكورة ثابتة في الأزل مع الذات فالثابت في الأزل على هذا القول أمور قديمة ولا معنى للقديم إلا ذلك واعترض عليه الحكيم المحقق بأنهم يفرقون بين الوجود والثبوت ولا يجعلون الأحوال موجودة بل ثابتة فلا تدخل فيما ذكره الإمام من تفسير القديم بما لا أول لوجوده إلا أن يغير التفسير ويقول القديم مالا أول لثبوته وكان في قول الإمام ولا معنى للقديم إلا ذلك دفعا لهذا االاعتراض أي لا نعني بالوجود إلا ما عنوا بالثبوت فلا فرق في المعنى بين قولنا لا أول لوجوده ولا أول لثبوته حتى لو نوقش في اللفظ غيرنا الوجود إلى الثبوت وما نقل في المواقف عن الإمام أن الأحوال الأربعة هي الوجود والحياة والعلم والقدرة فلا يخلو عن تسامح (قال والقديم بالزمان يمتنع استناده إلى المختار) يعني أن أثر المؤثر المختار لا يكون إلا حادثا مسبوقا بالعدم لأن القصد إنما يتوجه إلى تحصيل ما ليس بحاصل وهذا متفق بين الفلاسفة والمتكلمين والنزاع فيه مكابرة وما نقل في المواقف عن الآمدي أنه قال سبق الإيجاد قصدا كسبق الإيجاد إيجابا في جواز كونهما بالذات دون الزمان وفي جواز كون أثرهما قديما فلا يوجد في كتاب الأبكار إلا ما قال على سبيل الاعتراض من أنه لا يمتنع أن يكون وجود العالم أزليا مستندا إلى الواجب تعالى ويكونان معا في الوجود لا تقدم إلا بالذات كما في حركة اليد والخاتم وهو لا يشعر بابتنائه على كون الواجب مختارا لا موجبا ولذا مثل بحركة اليد والخاتم واقتصر في الجواب على دفع السند قائلا لا نسلم استناد حركة الخاتم إلى حركة اليد بل هما معلولان لأمر خارج نعم صرح في شرح الإشارات بأن الفلاسفة لم يذهبوا إلى أن القديم يمتنع أن يكون فعلا لفاعل مختار ولا إلى أن المبدأ الأول ليس بقادر مختار بل إلى أن قدرته واختياره لا يوجبان كثرة في ذاته وأن فاعليته ليست كفاعلية المختارين من الحيوان ولا كفاعلية المجبورين من ذوي الطبائع الجسمانية وإلى أنه أزلي تام في الفاعلية وأن العالم أزلي مستند إليه وأنت خبير بأن هذا احتراز عن شناعة نفي القدرة والاختيار عن الصانع وإلا فكونه عندهم موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار أشهر من أن يمنع قال دون الموجب أي لو أمكن مؤثر قديم موجب بالذات على ما يدعيه الفلاسفة لم يمتنع استناد الأثرالقديم إليه بل وجب أن يكون معلوله الأول وسائر ما يصدر عنه بالذات أو بالوسائط القديمة قديما وإلا لكان وجوده بعد ذلك ترجحا بلا مرجح حيث لم يوجد في الأزل ووجد فيما لا يزال مع استواء الحالين نظراإلى تمام العلة واستدل الإمام على امتناع استناد القديم إلى الموجب أيضا بأن تأثيره
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»