شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٢٠
محمولا عليه بالمواطأة وتارة وصفا عارضا به محمولا عليه بالاشتقاق يلزم أن يكون اعتباريا لئلا يلزم التسلسل في الأمور الموجودة ولهذا لم تكن الأمور الموجودة متصفة بمفهوماتها فلم يكن السواد أسود والعلم عالما والطول طويلا ونحو ذلك فإن قيل لم لا يجوز أن يكون وجوب الوجوب مثلا عينه ونفس ماهيته لا أمرا زائدا عليه قائما به كبياض الجسم ليلزم التسلسل وكذا البواقي قلنا لأنه لو كان كذلك لكان محمولا عليه بالمواطاة ضرورة واللازم باطل لأن الوجوب إذا كان واجبا كان حمل الوجوب عليه بالاشتقاق دون المواطأة لأنه لا معنى للواجب إلا ما له الوجوب وأما إذا أريد أن الوجود موجود بمعنى أنه وجود والوجوب واجب بمعنى أنه وجوب والإمكان ممكن بمعنى أنه إمكان إلى غير ذلك فلم يكن له فائدة ولم يتصور فيه نزاع نعم يصح ذلك في الأمور الاعتبارية بأن يعتبر العقل له أوصافا متعددة تنقطع بانقطاع الاعتبار من غير تعدد في الخارج وقدره في المطارحات بوجه آخر يندفع عنه هذا المنع وهو أن الوجوب والإمكان والوجود والوحدة والكثرة والتعين ونحو ذلك حالها واحد في أنها أمور موجودة عندكم اعتبارية عندنا وكل موجود فله وحدة وتعين ووجوب أو إمكان وقدم أو حدوث فلو كان الإمكان مثلا موجودا لكان له وحدة موجودة لها إمكان موجود له وحدة موجودة وهلم جرا فيلزم التسلسل في وحدات الإمكان وإمكانات الوحدة التي هي أمور مترتبة مجتمعة في الوجود مع القطع بأن ليست الوحدة نفس الإمكان وكذا يلزم سلسلة من وجودات الإمكان وإمكانات الوجود وأخرى من تعينات الإمكان وإمكانات التعين وعلى هذا فقس ولما كان ههنا مظنة إشكال وهو أنا قاطعون بأن الباري تعالى موجود وواجب ومتعين وواحد وقديم وباق في الخارج لا في الذهن فقط وكذا إمكان الإنسان وحدوثه وكثرته ونحو ذلك أشار إلى الجواب بأن هذا لا يقتضي كون الوجوب والإمكان وغيرهما أمورا متحققة في الخارج لها صور عينية قائمة بالموضوعات كبياض الجسم لأن معنى قولنا الباري تعالى واجب في الخارج أنه بحيث إذا نسبه العقل إلى الوجود حصل له معقول هو الوجوب ومعنى قولنا الإنسان ممكن أنه إذا نسبه إلى الوجود حصل له معقول هو الإمكان ومعنى قولنا الشيء متعين أو واحد أو كثير أو قديم أو حادث في الخارج أنه بحيث إذا نسبه العقل إلى هذه المفهومات كانت النسبة بينهما الإيجاب لا السلب وهذا ما يقال أن انتفاء مبدأ المحمول في الخارج لا يوجب انتفاء الحمل في الخارج كما في قولنا زيد أعمى (قال وقد يستدل) كون الامتناع وصفا اعتباريا لا تحقق له في الأعيان مما لا نزاع فيه ولا حاجة إلى الاستدلال وأما الوجوب والإمكان فقد استدل على كونهما اعتباريين بوجوه الأول أنهما لو كانا موجودين لما صدقا على المعدوم ضرورة امتناع قيام الصفة الموجودة بالمعدوم واللازم باطل لأن الممتنع واجب العدم والمعدوم الممكن ممكن الوجود والعدم ومبناه على أن كلا من الوجوب والإمكان
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»