ماهية من الماهيات فيكون المجعول هو الماهية والجواب أن النزاع في الماهيات التي هي حقائق الأشياء لا فيما صدقت هي عليه من الأفراد فيجوز أن يكون المجعول ذلك المشخص الذي هو من أفراد ماهية الإنسان مثلا أو الوجود الخاص الذي هو من أفراد ماهية الوجود وكذا الاتصاف والانضمام قال قالوا احتج القائلون بعدم مجعولية الماهية بأن كون الإنسان إنسانا لو كان بالفاعل لارتفع بارتفاعه فيلزم أن لا يكون الإنسان إنسانا على تقدير عدم الفاعل وهو محال والجواب أنه إن أريد أنه يلزم أن يكون الإنسان ليس بإنسان بطريق السلب ولا نسلم استحالته فإن عند ارتفاع الفاعل يرتفع الوجود وتبقى الماهية معدومة فيكذب الإيجاب فيصدق السلب وإن أريد بطريق العدول بأن يتقرر الإنسان في نفسه بحسب الخارج ويكون لا إنسانا فلا نسلم لزومه فإن عند ارتفاع الفاعل لا يبقى الإنسان حتى يصلح موضوعا للإيجاب قال فإن قيل يريد التنبيه على ما يصلح محلا للخلاف في هذه المسئلة فإنه معلوم أن ليس للفاعل تأثير وجعل بالنسبة إلى ماهية الممكن وآخر بالنسبة إلى وجوده حتى تكون الماهية مجعولة كالوجود وأن ليس للماهية تقرر في الخارج بدون الفاعل حتى يكون المجعول هو الوجود فقط بل أثر الفاعل مجعولية الماهية بمعنى صيرورتها موجودة وما ذكره الإمام من أن المراد أن الماهية من حيث هي هي ليست بمجعولة كما أنها ليست بموجودة ولا معدومة ولا واحدة ولا كثيرة إلى غير ذلك من العوارض بمعنى أن شيئا منها ليس نفسها ولا داخلا فيها ليس مما يتصور فيه نزاع أو يتعلق بتخصيصه بالذكر فائدة والأقرب ما ذكره صاحب المواقف وهو أن المجعولية قد يراد بها الاحتياج إلى الفاعل وقد يراد بها الاحتياج إلى الغير على ما يعم الجزء وكلاهما بالنسبة إلى الممكن من العوارض والعوارض منها ما يكون من لوازم الماهية كزوجية الأربعة حتى لو تصورنا أربعة ليست بزوج لم تكن أربعة ومنها ما يكون من لوازم الهوية كتناهي الجسم وحدوثه حتى لو تصورنا جسما ليس بمتناه أو حادث كان مجسما ولا خفاء في أن احتياج الممكن إلى الفاعل في المركب والبسيط جميعا من لوازم الهوية دون الماهية وأن الاحتياج إلى الغير من لوازم الماهية المركب دون البسيط إذ لا يعقل مركب لا يحتاج إلى الجزء فمن قال بمجعولية الماهية مطلقا أي بسيطة كانت أو مركبة أراد أن المجعولية تعرض للماهية في الجملة أعني الماهية بشرط شيء وهي الماهية المخلوطة ومرجعها إلى الهوية وإن لم تعرض للماهية من حيث هي ويحتمل أن يراد أنه يعرض للماهية من حيث هي المجعولية في الجملة أي بمعنى الاحتياج إلى الغير وإن لم تكن بمعنى الاحتياج إلى الفاعل ومن قال بعدم مجعولية الماهية أصلا أراد أن الاحتياج إلى الفاعل ليس من عوارض الماهية بل من عوارض الهوية ومن فرق بين المركبة والبسيطة أراد أن الاحتياج إلى الغير من لوازم ماهية المركب دون
(١٠٨)