عن كون الوجود فيه محمولا أو رابطة كقولنا الإنسان كاتب ويمتنع أن يكون معناه أنه يوجد كاتبا أو توجد له الكتابة بل معناه أن ما صدق عليه هذا يصدق عليه ذاك أو يحمل والمحققون على أنه لا فرق بين قولنا يوجد له ذاك ويثبت ويصدق عليه ويحمل ونحو ذلك إلا بحسب العبارة وما ذكرنا هو الموافق لكلام المحقق في التجريد قال والإمكان ذاتي لا غير إذ لو كان غيريا لكان الشيء في نفسه واجبا أو ممتنعا أي ضروري الوجود أو العدم بالذات ثم يصير لا ضروري الوجود والعدم بالغير فيرتفع ما بالذات وهو محال بالضرورة وهذا معنى الانقلاب قال وقد يؤخذ بمعنى سلب ضرورة الوجود الإمكان بمعنى سلب ضرورة الوجود والعدم هو الإمكان الخاص المقابل للوجوب والامتناع بالذات وقد يؤخذ بمعنى سلب ضرورة الوجود فيقابل الوجوب ويعم الإمكان الخاص والامتناع فيصدق على الممتنع أنه ممكن العدم وقد يؤخذ بمعنى سلب ضرورة العدم فيقابل الامتناع ويعم الإمكان الخاص والوجوب فيصدق على الواجب أنه ممكن الوجود وهذا هو الموافق للغة والعرف ولهذا سمي بالإمكان العامي فإن العامة تفهم منه نفي الامتناع فمن إمكان الوجود نفي امتناع الوجود ومن إمكان العدم نفي امتناع العدم وقد سبق إلى كثير من الأوهام أن للإمكان العام مفهوما واحدا يعم الإمكان الخاص والوجوب والامتناع هو سلب ضرورة أحد الطرفين أعني الوجود والعدم وهو بعيد جدا إذ لا يفهم هذا المعنى من إمكان الشيء على الإطلاق بل إنما يفهم من إمكان وجوده نفي الامتناع ومن إمكان عدمه نفي الوجوب ولهذا يقع الممكن العام مقابلا للممتنع شاملا للواجب كما في تقسيم الكلي إلى الممتنع وإلى الممكن الذي أحد أقسامه أن يوجد منه فرد واحد مع امتناع غيره كالواجب وبهذا ينحل ما يقال على قاعدة كون نقيض الأعم أخص من نقيض الأخص من أنه لو صح هذا لصدق قولنا كل ما ليس بممكن عام ليس بممكن خاص لكنه باطل لأن كل ما ليس بممكن عام ليس بممكن خاص لكنه باطل لأن كل ما ليس بممكن خاص فهو إما واجب أو ممتنع وكل منهما ممكن عام فيلزم أن كل ما ليس بممكن عام فهو ممكن عام قال وقد يعتبر بالنظر إلى الاستقبال بمعنى جواز وجود الشيء في المستقبل من غير نظر إلى الماضي والحال وذلك لأن الإمكان في مقابلة الضرورة وكلما كان الشيء أخلى عن الضرورة كان أحق باسم الممكن وذلك في المستقبل إذ لا يعلم فيه حال الشيء من الوجود والعدم بخلاف الماضي والحال فإنه قد تحقق فيهما وجود الشيء أو عدمه ومنهم من اشترط في الممكن الاستقبال العدم في الحال لأن الوجود ضرورة فيجب الخلو عنه ورد بأن العدم أيضا ضرورة فيجب الخلو عنه أيضا وتحقيقه أنه ممكن في جانبي الوجود والعدم وكما أن الوجود يخرجه إلى جانب الوجود ويشترط الخلو عنه كذلك العدم يخرجه إلى جانب الامتناع فيلزم اشتراط الخلو عنه أيضا فيلزم ارتفاع النقيضين بل اجتماعهما
(١١٦)