الدليل التاسع عشر:
قول عائشة: (أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) فسبوهم) (120).
كانت تلمح لما يفعله أهل الشام من لعن علي، وبعض أهل العراق في لعن عثمان رضي الله عنهما.
أقول: وهذا يفهم منه أن هؤلاء السبابين ليسوا من أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) - عند عائشة -، ومثله قول ابن عمر: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحكم عمره) (121).
فهذا القول، وقول عائشة، وأقوال لسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وغيرهم، إنما انتشرت لما انتشر بين الناس سب علي وعثمان، وهما من أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد كان يسبهما بعض من رأى النبي (صلى الله عليه وسلم)، أو له صحبة (حسب الفهم الشائع للصحبة)، فلما طال علينا الأمر، وانقطع سب علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وأمثالهم، والحمد لله، وبقي سب معاوية، وعمرو، وأمثالهما أخذنا هذه النصوص والآثار لنواجه بها الشاتمين الجدد، ومع أن الشتم والسب محرم سواء كان ضد الصحابي أو التابعي أو المسلم مطلقا، لكن المشتومين من الطلقاء ليسوا مثل المشتومين من السابقين، بل إن