العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل - السيد محمد بن عقيل - الصفحة ١٠٧
وقال ما أحوجه أن يضرب - انتهى ما أردنا نقله.
وقد أطال في الثناء عليه بعد ذلك ومسألة اللفظ هذه ذكرها ابن السبكي في الطبقات في ترجمة الكرابيسي هذا وهي جوابه لسائله عن لفظه بالقرآن بقوله لفظك به مخلوق ثم ذكر أن البخاري والحارث المحاسبي ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم قالوا مثل قول الحسين. انتهى (16).
وقال المقبلي في (العلم الشامخ) ما مفاده: إن الإمام أحمد وورعه لما تكلم في مسألة خلق القرآن وابتلى بسببها جعلها عدل التوحيد أو زاد ثم ذكر إنه كان لا يريد رواية كل من خالفه في هذه المسألة تعصبا منه وفي ذلك خيانة للسند ثم قال بل زاد فصار يريد الواقف ويقول فلان واقفي مشوم بل غلا وزاد وقال لا أحب الرواية عمن أجاب في المحنة كيحيى بن معين.
انتهى (17).
ولم ننقل هذا حطا في الإمام أحمد ولكن ليعلم المنصف مقدار غضب القوم وتعصبهم له حتى لو كان واهما.
وروى ابن السبكي في الطبقات بسنده أن سفيان بن وكيع يقول: أحمد عندنا محنة، من عاب أحمد عندنا فهو فاسق. ثم روى ابن السبكي بسنده لابن أعين في أحمد قوله:
أضحى ابن حنبل محنة مأمونة * ويحب أحمد يعرف المتنسك وإذا رأيت لأحمد متنقصا * فاعلم بأن ستوره ستهتك وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة ابن المبارك: قال الأسود ابن سالم: إذا رأيت الرجل يغمز ابن المبارك فاتهمه على الإسلام انتهى.
وقال الشيخ طاهر الجزائري في (توجيه النظر): قال محمود بن غيلان: قلت لأبي داود

(١٦) الحارث بن أسد المحاسبي عدة مصنفات. ت: ٢٤٣ ه‍. ومحمد بن نصر المروزي له كتاب السنة وكتاب قيام الليل ومصنفات أخرى. ت: ٢٩٤ ه‍. ومسألة اللفظ أحد مشتقات قضية خلق القرآن التي رفضها ابن حنبل وأوذي بسببها حتى قال بكفر القائلين بها. انظر له الرد على الجهية والزنادقة.
(١٧) الفقهاء هنا يدينون أنفسهم بهذا الكلام في حق ابن حنبل وهو من أئمة الحديث الذي كفر القائلين بخلق القرآن من المعتزلة والشيعة وغيرهم فكأنه جعل قضية خلق القرآن من أصول الدين. ورفضه رواية كل من يخالفه في هذه المسألة يشير إلى مدى تحكم النزعة المذهبية في تناول الفقهاء للرواية ونقلها. وهو قد تطرف في موقفه حتى رد رواية الواقف - أي المتوقف في مسألة خلق القرآن فلا يقول القرآن مخلوق ولا يقول بقول ابن حنبل وهو القرآن قديم - ثم تطرف أكثر فشكك في يحيى بن معين لكونه لم يقف معه وأقر بمسألة خلق القرآن تحت ضغط المأمون العباسي الذي بطش بفقهاء الحديث من أهل السنة وتبنى نهج المعتزلة والعقل.
وأساس موقف ابن حنبل من مسألة خلق القرآن هو عدم وجود رواية أو قول منقول عن السلف يدعم هذه المسألة..
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست