إيجاب قراءة أم القرآن في الصلاة للمنفرد والإمام، وإجزاء النية في أول ليلة من رمضان عن ما سواه، وأن الشافعي يرى تجديد النية كل ليلة، والاقتصار في المسح على بعض الرأس، وإن مذهبهما القصاص في القتل بالمحدد وغيره، وإيجاب النية في الوضوء، واشتراط الولي في النكاح، وإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - يخلفهما في هذه المسائل، وغيرهم ممن لا يشتغل بمذاهبهم ولا روى أقوالهم لا يعرف هذا من مذاهبهم، فضلا عمن سواهم " (1).
والخامس: ولو فرض أن متعصبا أنكر تواتر حديث الطير، فإنه لا يصغى إلى كلامه البتة، فكيف يوجب عدم تصريح واحد منهم بتواتره - مع قيام الأدلة - القاهرة والبراهين الباهرة على تواتره - خللا في ذلك؟!!
إلا أن الحليمي وأتباعه - كوالد (الدهلوي) - أنكروا خبر انشقاق القمر فضلا عن تواتره، لكن المحققين لم يعبأوا بذلك، ولم يشكو في تواتر ذاك الحديث وثبوته، قال القاضي عياض فيه ما نصه: " وأنا أقول صدعا بالحق: إن كثيرا من هذه الآيات المأثورة عنه عليه السلام معلومة بالقطع. أما انشقاق القمر فالقرآن نص بوقوعه وأخبر عن وجوده، ولا يعدل عن ظاهره إلا بدليل، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة، فلا يوهن عزمنا خلاف أخرق منحل عرى الدين، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك على قلوب ضعفاء المؤمنين، بل يرغم بهذا أنفه وينبذ بالعراء سخفه " (2).