حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو مسجى على سريره، فكشف عن وجهه الشريف، فلما تيقن بموته (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج إلى الناس في المسجد وهم بتلك الحالة المدهوشة، رافعا عقيرته ومهددا بقوله: إن رجالا من المنافقين يزعمون بأن محمدا قد مات، وإنه والله ما مات ولكنه قد ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قالوا بأنه قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما رجع موسى وليقطعن أيدي وأرجل رجال زعموا أنه مات، ثم شهر سيفه وقال: ولئن بلغني عن رجل من المسلمين يزعم أن محمدا قد مات ضربته بسيفي هذا، وهو يرعد ويهدد ويتوعد.
فأثر قوله هذا في العامة من المسلمين تأثير السحر وأصابهم الذهول والحيرة.
وبهذه الفذلكة السياسية المحنكة استطاع عمر الهيمنة على عقول الناس، وإغفالهم عن الاعتقاد بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى ينصرفوا ولا يفكروا في مبايعة خليفته