قلت: نعم معلوم أنه نزل من الجنة لكن - والعياذ بالله - هل الله حل فيه حتى يجوز تقبيله ويصير معبودا؟ أليس لأنه لما نزل من الجنة صار شريفا، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) قبله وأمر بتقبيله لأجل شرافته لكونه من أجزاء الجنة.
قال: نعم.
قلت: شرافة الجنة وأجزاؤها لا تكون إلا من جهة وجود النبي (صلى الله عليه وآله).
قال: نعم.
قلت: صارت الجنة وأجزاؤها ذات شرافة لأجل وجود النبي (صلى الله عليه وآله) ويجوز تقبيل الشئ الذي يعد جزءا من الجنة تيمنا وتبركا، فهذا الحديد وإن كان من إسطنبول إلا أنه لأجل مجاورته لقبر النبي (صلى الله عليه وآله) صار شريفا يجوز تقبيله تبركا وتيمنا.
أقول: يا للعجب جلد المصحف لا يكون إلا من أجزاء حيوان يأكل العلوفة في البر والصحراء، وفي ذلك الوقت لا احترام له ولا يحرم تنجيسه وهتكه، لكن بعد ما صار جلدا للقرآن يصير محترما ويحرم هتكه ويتبرك به، والمتداول بين المسلمين من الصدر الأول إلى زماننا هذا تقبيله تيمنا وتبركا، واحتراما أو محبة، كتقبيل الوالد ابنه، ولم يقل أحد بأنه شرك وحرام، وتقبيل المسلمين قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وضريحه وقبور الأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) وضرائحهم المقدسة (عليهم السلام) من هذا الباب ولا يرتبط بالشرك أصلا (1).