مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١١٧
ولم يكن تقشفه كذلك بسبب قلة ذات يده، فقد كانت تصل إليه - في نفس تلك الأيام - الأموال فيقسمها ويهب ويتصدق، حتى أنه كان يعطي لشخص واحد مئة بعير! (1).
وقد فارق الدنيا وما ترك دينارا ولا درهما ولا غلاما ولا أمة، ولا شاة ولا بعيرا، وكانت درعه مرهونة عند يهودي على عشرين صاعا من شعير، اشتراها لقوت عياله! (2).
ولابد من التأمل في نقطتين:
الأولى: لا شك أن اليهودي لم يكن يطلب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوثيقة، لمكانته وأمانته، لكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قصد أن يراعي قانون الرهن عند عدم كتابة الدين، ليكون المال وثيقة عند الدائن، حتى لو كان الدائن يهوديا، والمدين أكبر شخصية في الإسلام.
الثانية: أنه كان في متناول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أطيب الأطعمة وألذها، لكنه اكتفى إلى آخر عمره الشريف بخبز الشعير، حتى لا يكون طعامه أحسن من طعام أضعف رعيته!
نموذج من إيثار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن مكانة فاطمة الزهراء سلام الله عليها معلومة عند الخاصة والعامة، فإن كتب الفريقين مشحونة بفضائلها، كما يأتي، وقد قامت في محرابها حتى تورم قدماها (3) تأسيا بأبيها، وكانت مع استغراقها في عبادة الله تقوم بإدارة بيت ولي الله

(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»