مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١١٨
وتربية أبناء رسول الله، حتى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل عليها ذات يوم فرآها تطحن بالرحى وترضع ولدها فدمعت عيناه (1).
ذلك الأب الذي كان متمكنا أن تملأ بيت ابنته ذهبا وفضة وليستخدم لها عبيدا وإماء، ولا يرد عن بابه ذا حاجة إلا بقضاء حاجته، أمسك عن استخدام خادمة لسيدة نساء العالمين، التي كانت بضعة منه، ويريبه ما أرابها، في مثل هذه الحاجة الملحة لبنته التي هي أحب الخلق إليه، إيثارا لفقراء أمته على مهجة قلبه.
هكذا كانت سيرة الذي بعثه الله لأن يربي أمته بقوله تعالى {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (2) نماذج من تعامله وأخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس على الأرض (3).
ويأكل مع العبيد، ويسلم على الصبيان (4).
وكان يأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد (5).
مرت به امرأة بدوية وكان يأكل وهو جالس على الأرض، فقالت: يا محمد، والله إنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه. فقال لها رسول الله: ويحك أي عبد أعبد مني؟ (6).

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٣٤٢ - مكارم الأخلاق ص ١١٧.
(٢) سورة الحشر: ٩.
(٣) الأمالي للشيخ الطوسي ص ٣٩٣.
(٤) أمالي الصدوق المجلس السابع عشر ح ٢، ص ١٣٠.
(٥) المحاسن ص ٤٥٦ باب ٥١ ح ٣٨٦.
(٦) المحاسن ص ٤٥٧ باب ٥١ ح ٣٨٨، الكافي ج ٢ ص ١٥٧.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»