لقد استطاع بهذه التربية أن يقدم للبشرية قدوة إنسانية كاملة، مزج الصلابة في ميدان الحرب برقة قلب تنحدر بها دموعه على خديه لمنظر يتيم محروم!
واستطاع أن يرفع مستوى الإنسانية إلى درجة تتحرر فيها من قيود جميع المنافع الدنيوية المحدودة والأخروية غير المحدودة، وتتمحض فيها لعبودية رب العالمين!.
ثم لم يكن هذا الإخلاص من أجل نفعه، بل من أجل أنه آمن بأن ربه أهل للعبادة فعبده!
لقد جمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في شخصية تلميذه، بين حرية وعبودية، هي المقصد النهائي من خلق الإنسان والكون، فقد أفنى رضاه وغضبه في رضا خالقه وغضبه، حتى لم يعدله رضا وغضب!
وقد شهد على ذلك مبيته على فراش النبي عند هجرته (1)، وضربته يوم الخندق التي قال النبي عنها إنها تعدل عمل الثقلين! (2).
أليس من حق ذلك الرجل (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي عمل في أرض جزيرة العرب القاحلة، في مدة قصيرة، وفي تلك الظروف الصعبة، فأنشأ تلك الأمة، وغرس شجرة الإنسانية، وأنتج سيد ثمارها عليا (عليه السلام)، وقدمه إلى دنيا البشرية.. أن يقول:
أنا أكبر بستاني للإنسانية!
وهل يوجد في الدنيا تعليم وتربية أعظم من تربية علي أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!