مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١٢٠
وهو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم تقل شيئا، ولم يقل لها النبي شيئا، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبي في الرابعة وهي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه، ثم رجعت!
فقال لها الناس: فعل الله بك وفعل، حبست رسول الله ثلاث مرات، لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا! ما كانت حاجتك إليه؟!
قالت: إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه، ليستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها وهو يراني، وأكره أن أستأمره في أخذها، فأخذتها (1).
وهذه الحادثة تدل على اهتمامه (صلى الله عليه وآله وسلم) بكرامة الإنسان لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) تفطن إلى حاجة الجارية وكراهيتها للسؤال، وقام من مكانه أربع مرات من أجل قضاء حاجتها، ولم يستنطقها لئلا تقع الجارية في ذل السؤال، فالذي يحافظ على حرمة جارية وكرامتها، بهذه الدقة والأدب، إلى أي حد تكون قيمة الإنسان وكرامته في نظره؟!
وفي الوقت الذي كان اليهود يعيشون في دولته على العهد والذمة، وكان هو في أعلى درجات القدرة، كان لأحدهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك. فقال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني! فقال: إذا أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة!
وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال:

(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»