الفصل الثاني أهل السنة ومعالم الحكومة الإسلامية إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو القائد الذي تفانى في أداء رسالة ربه وهداية أمته بكل إخلاص وعزيمة، ولم يكن شئ عنده أعز من هداية الناس وبقاء شريعته والنظام الذي يحمي الشريعة، فعلى ذلك كان على مفترق طرق:
أ: أن ينصب قائدا محنكا يخلفه في كل مهامه ويقطع دابر الخلافات بعده ويكون عمله نموذجا للآخرين.
ب: أن يبين معالم الحكومة وخصوصياتها بكل دقة وتفصيل، حتى تستغني الأمة بذلك عن التنصيب ويكون كلامه هو الملهم عبر الأجيال في تعيين نوع الحكومة للمسلمين.
بيد أن التصور السائد عند أهل السنة هو أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يسلك الطريق الأول ولم ينصب خليفة بعده، بل ترك الأمر إلى الأمة، ومع ذلك لا يوجد في مجموع ما بأيدينا من الكتاب والروايات المروية في الصحاح والمسانيد شئ يرسم الخطوط العريضة لنوع الحكومة وأركانها وخصائصها وصفات الحاكم وبرامجه، مع أنه تكلم في أبسط الأمور فضلا عن أخطرها، كما هو واضح لمن طالع الصحاح والمسانيد خصوصا فيما يرجع إلى حياة الإنسان.