مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٩٥
ومن جانب آخر كانت الرواسب القبلية خامرة في نفوسهم تبرز بين الحين والآخر.
فهذه الظروف تفرض على قائد حكيم كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يفكر مليا في مستقبل الأمة الإسلامية بعد رحيله، فيخطط تخطيطا حكيما للحيلولة دون مضاعفات الخطر الثلاثي والتعصبات القبلية التي تهدد كيان الإسلام وتقوض أركانه من خلال نصب قائد بأمر من قبل الله سبحانه يقود الأمة الإسلامية إلى ساحة الجهاد بغية دفع الأخطار المحدقة بهم، وبقداسته ومثاليته وكونه منصوبا من الله سبحانه يقطع دابر الخلاف في تعيين الخليفة، وهذا بخلاف ما لو ترك الأمة على حالها والعدو ببابها والنزاع القبلي على قدم و ساق.
* الصحابة ومؤهلات القيادة لم تبلغ الأمة الإسلامية - كما يشهد عليه التاريخ - المستوى الفكري الذي يؤهلها إلى تدبير أمورها وإدارة شؤونها وقيادة سفينتها إلى ساحل الأمان دون حاجة إلى نصب قائد من الله سبحانه.
وقد كان عدم بلوغ الأمة هذا المستوى أمرا طبيعيا، لأن إعداد أمة كاملة بحاجة إلى مزيد من الوقت ولا يتيسر ذلك في فترة وجيزة تبلغ 23 سنة، وهي حافلة بأحداث مريرة ومشحونة بحروب طاحنة.
إن إعداد مثل هذه الأمة لا يمكن في العادة إلا بعد انقضاء جيل أو جيلين، وبعد مرور زمن طويل يكفي لبلورة التعاليم الإسلامية ورسوخها في أعماق النفوس بحيث تخالط مفاهيم الدين دماءهم، وتتمكن العقيدة في نفوسهم إلى حد
(٩٥)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»