ملهم أو صادق الظن، وهو من ألقي في نفسه شئ على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى، أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد، أو تكلمه الملائكة بلا نبوة، أو من إذا رأى رأيا أو ظن ظنا أجاب كأنه حدث به وألقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له، وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من عباده، وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء.
فإن يكن من أمتي منهم أحد فإنه عمر، كأنه جعله في انقطاع قرينة في ذلك كأنه نبي، فلذلك أتى بلفظ " إن " بصورة الترديد. قال القاضي: ونظير هذا التعليق في الدلالة على التأكيد والاختصاص، قولك: إن كان لي صديق فهو زيد، فإن قائله لا يريد به الشك في صداقته بل المبالغة في أن الصداقة مختصة به لا تتخطاه إلى غيره. (1) فإذا كان في الأمم السالفة رجال بهذا القدر والشأن، فلماذا لا يكون في الأمة الإسلامية رجال شملتهم العناية الإلهية فأحاطوا بالكتاب والسنة إحاطة كاملة يرفعون حاجات الأمة في مجال العقيدة والتشريع.
فمن زعم أن مثل هذه الإفاضة تساوق النبوة والرسالة، فقد خلط الأعم بالأخص، إذ النبوة منصب إلهي يقع طرفا للوحي يسمع كلام الله تعالى ويرى رسول الوحي، ويكون إما صاحب شريعة مستقلة أو مروجا لشريعة من قبله.
وأما الإمام: وهو الخازن لعلوم النبوة في كل ما تحتاج إليه الأمة من دون أن يكون طرفا للوحي أو سامعا كلامه سبحانه أو رائيا للملك الحامل له. ولإحاطته بعلوم النبوة طرق أشرنا إليها.