سلطة الآخر؟
فهل كان يجوز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يترك تعيين مصير الخلافة لأمة هذه حالها، وفي تعيينه قطع لدابر الاختلاف والفرقة؟
وهل كان من المحتمل أن تتفق كلمة الأمة جمعاء على واحد، ولا تخضع للرواسب القبلية، ولا تبرز إلى الوجود مرة أخرى ما مضى من الصراعات العشائرية وما يتبع ذلك من حزازات؟
أم هل يجوز لقائد يهتم ببقاء دينه وأمته أن يترك أكبر الأمور وأعظمها وأشدها دخالة في حفظ الدين، إلى أمة نشأت على الاختلاف، وتربت على الفرقة، مع أنه كان يشاهد الاختلاف منهم في حياته أحيانا، كما عرفت؟
إن التاريخ يدل على أن هذا الأمر قد وقع بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله وسلم في السقيفة حيث سارعت كل قبيلة إلى ترشيح نفسها للزعامة، منتحلة لنفسها أعذارا وحججا وطالبة ما تريد بكل ثمن حتى بتجاهل المبادئ وتناسي التعاليم الإسلامية والوصايا النبوية.
فقد ذكر ابن هشام تحت عنوان " أمر سقيفة بني ساعدة، تفرق الكلمة " (1) نقلا عن عمر بن الخطاب ما يدل على اختلاف الكلمة وعدم الاتفاق على أحد.
* فذلكة وتحليل هذه صورة مصغرة من تاريخ المسلمين في العصر الأول، وقد عرفت أن الأعداء كانوا يتربصون بالمسلمين الدوائر للقضاء عليهم من الخارج والداخل.