مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٩٩
ولما وجد علماء أهل السنة أنفسهم أمام تلك المعضلة حاولوا حل عقدتها بترسيم خطوط عريضة لحكومة إسلامية من عند أنفسهم تارة باسم الشورى، وأخرى باسم أهل الحل والعقد، وثالثة باتخاذ حكومة الخلفاء الأربعة وما يليها أسوة وبيانا لنوع الحكومة الإسلامية وخصوصياتها.
كل ذلك يعرب عن أن علماء أهل السنة لم يتجردوا عن كل رأي مسبق فأخذوا خصوصيات الحكومات القائمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة شرعية للمسلمين عامة.
مع أنهم لم يعتمدوا في إقامة دعائم الحكومة على دليل قرآني أو سنة نبوية، وإنما وضعوا حلولا استحسانية والتي لا تكون حجة إلا على أنفسهم.
وها نحن نطرح هذه الفروض على بساط البحث كي يعلم مدى إتقانها.
* هل الشورى أساس الحكم الإسلامي؟
هناك من اتخذ الشورى أساسا للحكم الإسلامي، واستدلوا على ذلك بآيتين:
الأولى: قوله سبحانه: * (... وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله...) * (1) قائلين بأنه سبحانه أمر نبيه بالمشاورة تعليما للأمة، بأن يتشاوروا في مهام الأمور ومنها الخلافة.
والذي يؤخذ عليه: أن الخطاب موجه إلى الحاكم الذي ثبت كونه حاكما بوجه من الوجوه ثم أمره بالمشاورة في غير هذا الأمر. بأن يشاور أفراد الأمة فيما

(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»