مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ١٠٩
هذه النصوص تدل بجلاء على أن انتخاب الخليفة عن طريق الاستفتاء الشعبي، أو بمراجعة أهل الحل والعقد، أو اتفاق الأنصار والمهاجرين، أو بالشورى، أو بالبيعة كلها فروض اختلقها المتكلمون بعد تمامية الخلافة للخلفاء، ولم يكن أي أثر من هذه العناوين بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا شيئا لا يذكر عند محاجة علي عليه السلام مع المتقمصين منصة الخلافة.
هذه الكلمات تعرب عن أن نظرية التنصيب هي التي كانت مهيمنة على الأفكار والعقول.
* بلاغات غير رسمية لقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلافة علي عليه السلام بصورة رسمية في غدير خم كما سيوافيك، ولكن لم يكن ذلك البلاغ بصورة عفوية بل هيأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرضيته منذ أن صدع بالنبوة في مواقف مختلفة نذكر منها:
1 - دعوة الأقربين وتنصيب علي للخلافة يقول المفسرون: لما نزل قوله سبحانه: * (وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) * (1) أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام أن يعد طعاما ولبنا، فدعا خمسة وأربعين رجلا من وجوه بني هاشم، ولما فرغوا من الطعام تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: " إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدا أو النار أبدا.

(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»