سلمان الفارسي أيضا معصوم، ولا يهمنا البحث الآن عن ذلك القول.
وإذا كانت العصمة حالة معنوية باطنة، وهي فضل من الله سبحانه وتعالى، فلا بد يكون الكاشف عن هذه الحالة من قبله سبحانه وتعالى، والكاشف إما آية في القرآن، والقرآن مقطوع الصدور، وإما أن يكون رواية ونصا متواترا أو مقطوع الصدور ومفيدا لليقين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومع وجود هذه الحالة عند الشخص، وإمكانه بين الناس، يقبح عقلا تقدم من ليست فيه هذه الحالة عليه.
إذن، لا بد من كاشف عن وجود هذه الحالة أينما كانت موجودة، وقد أوضحنا بالتفصيل في بحوثنا السابقة على أساس بعض الآيات المباركات والأحاديث المتواترات، وجود العصمة في رسول الله وفي فاطمة الزهراء سلام الله عليهما، وفي أمير المؤمنين وفي الحسنين (عليهم السلام)، فآية التطهير دلت على عصمة هؤلاء، وآية المباهلة دلت على عصمة أمير المؤمنين، وحديث المنزلة دل على عصمة أمير المؤمنين، وحديث الثقلين دل على عصمة الأئمة.
فظهر أن العصمة:
أولا: حالة معنوية توجد في الإنسان بفضل الله سبحانه وتعالى، فلا تكون كسبية ولا تحصل بالاكتساب.
ثانيا: لما كانت هذه الحالة بفضل الله سبحانه وتعالى وبرحمة منه، وبفضل ولطف، وبفعل منه كما عبر علماؤنا، فلا بد من مجئ دليل من قبله يكشف عن وجودها في المعصوم، ولذا لا تقبل دعوى العصمة من أي أحد إلا وأن يكون يدعمها نص أو معجزة يجريها الله سبحانه وتعالى على يد هذا المدعي للعصمة، كما أن أصل النبوة والإمامة أيضا كذلك، فلا تسمع دعوى النبوة ولا تسمع دعوى الإمامة من أحد ولأحد إلا إذا كان معه دليل قطعي يثبت إمامته أو نبوته ورسالته.